تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد الله]ــــــــ[20 - 01 - 03, 03:09 ص]ـ

فصل

قسم الحفاظ المدلسين إلى خمس مراتب ـ تبعاً للحافظ العلائي في جامع التحصيل [129 ـ 130]ـ و الثانية من هذه المراتب هي: ((من احتمل الأئمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح لإمامته وقلة تدليسه في جنب ما روى كالثوري، أو كان لا يدلس إلا عن ثقة كابن عيينة)).انتهى كلام الحافظ [ص 13 من تعريف أهل التقديس].

وأرى ([19]) ـ والله أعلم ـ أن أبا الزبير رحمه الله تعالى حقيق بالمرتبة الثانية لأنه ينطبق عليه قول الحافظ: ((من احتمل الأئمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح لإمامته وقلة تدليسه كالثوري)).أما احتمال الأئمة تدليسه ـ إن صحت دعوى التدليس ـ فظاهر كظهور الشمس في رابعة النهار حيث أخرجوا له في مصنفاتهم محتجين بما صرح بالسماع أو لم يصرح، وتقدم الكلام على ذلك.

أما إخراجهم لحديثه في الصحيح لإمامته فواضح أيضاً وجلي بإخراج مسلم له في صحيحه معنعناً، وكذا كل من صنف في الصحيح. ولا يقال إن البخاري لم يخرج له في الأصول لتدليسه، لأنه أخرج في صحيحه لجماعة من المدلسين كما هو معلوم،ولعل البخاري لم يخرج له في الأصول تبعاً لبعض أهل الجرح كما تقدم في [ص 42] والله أعلم.

وأبو الزبير إمام من الحفاظ ويكفي التدليل على ذلك أنه كان أحفظ أصحاب جابر بن عبد الله.

قال يعلى بن عطاء:ثنا أبو الزبير وكان من اكمل الناس عقلاً وأحفظهم قال عطاء بن أبي رباح كنا نكون عند جابر فيحدثنا، فإذا خرجنا تذاكرنا فكان أبو الزبير أحفظنا للحديث.انظر تذكرة الحفاظ [1/ 126 ـ 127].وقال الذهبي في الميزان [3/ 37]: ((هو من أئمة العلم)).اهـ.

أما عن قلة تدليسه ـ إن صحت دعوى التدليس ـ في جنب ما روى فيدل عليه إخراجهم لحديثه معنعناً محتجين به ومصححين له،إذ لو كان كثير التدليس لتوقفوا في حديثه كالمشهورين بالتدليس حتى يجدوا التصريح بالسماع. والحال فيما رواه أبو الزبير عن جابر أن يصرح بالسماع أو التحديث في غالب أحاديثه، أو يتابع في روايته، وإلا فتجد شاهداً قوياً للمتن الذي رواه، مما يدل على قلة تدليسه ـ إن صح ـ في جنب ما روى.وهذا ما ظهر لي بتتبع أحاديثه التي عنعنها في صحيح مسلم كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

ومما يستأنس به على أن تدليسه ـ إن صح ـ قليل قول الإمام الشافعي رضي الله عنه:" لم يعرف التدليس ببلدنا فيمن مضى و لا من أدركنا من أصحابنا إلا حديثاً ".اهـ.علل الترمذي [ص226].

فقول الشافعي رضي الله عنه مشعر بعدم اشتهار أبي الزبير المكي بالتدليس،وهل بعد قول الإمام الشافعي على أهل بلده قول؟.

ومما يدل أيضاً على أنه لم يكن معروفاً بالتدليس،فضلاً عن كونه مشهوراً به، قول شعبة بن الحجاج:" ما كان أحد أحبَّ إلي أن ألقاه من أبي الزبير ... إلخ".الضعفاء للعقيلي [4/ 132].

فانظر إلى شعبة أمير المؤمنين في الحديث ـ وهو من هو في نقد الرجال ـ الذي استوى عنده التدليس والزنا لم يتمن أن يلق أحداً كتمنيه لقاء أبي الزبير. وكان في هذا الوقت بالحجاز أئمة حفاظ متقنون منهم:عمرو بن دينار وعطاء ابن أبي رباح.فاشتهار أبي الزبير بالتدليس يمنع شعبة من هذا الإقبال لبغضه له. والله أعلم.

وعليه فأبو الزبير المكي يستحق المرتبة الثانية ـ إن اعتبرنا انه مدلس ـ لأنه على شرطها.والله أعلم. وعند ذلك فلا ينظر في حديثه هل صرّح بالسماع أو لم يُصرح.

وأبو الزبير المكي أحسن بكثير من جماعة من الرواة جُعلوا في المرتبة الثانية من المُدلسين وقد وصِفوا بكثرة التدليس،وبالتدليس عن الضعفاء و المجاهيل،أو بتدليس التسوية،فجعل أبي الزبير في المرتبة الثالثة ظلم وإجحاف له. فيحيى بن أبي كثير، وسليمان بن مهران الأعمش،والحسن البصري،والحكم بن عتيبة الفقيه الكوفي،وعمرو بن دينار، وعبد ربه بن نافع الخياط [وقد ذكر في المرتبة الأولى من المدلسين] وصفوا بتدليس لم يوصف به أبو الزبير. وإذا نظرت في كتب الرجال فسترى صدق الدعوى، وتتحقق أن قبول عنعنة المذكورين ورد عنعنة أبي الزبير مخالف للقواعد الحديثية.

وليعلم الناظر أن رد عنعنة المذكورين هو ضرب من الجنون ومخالفة لعمل المسلمين في السابق واللاحق. وما قصدت إلا بيان أن أبا الزبير أحسن حالاً منهم جميعاً، فإذا قُبلت عنعنتهم فمن باب أولى تُقبل عنعنة أبو الزبير، والله أعلم.

فصل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير