[قاعدة في الأمور المقدرة وأسبابها]
ـ[الضبيطي]ــــــــ[23 - 08 - 07, 07:27 م]ـ
قاعدة عظيمة في الأمور المقدرةوأسبابها
الأشياء المقدورة تفتقر إلى أسبابها المعلومة، ولهذا كان الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهو في العريش يوم بدر يجتهد على الاستغاثة بالله التي كانت أكبر أسباب النصرة في ذلك اليوم، بعد أن عرفه الله تعالى قبل ذلك، جلية مصارع القوم.
ولما التزمه أبو بكر من ورائه قائلا له: " يا رسول الله، أ هكذا مناشدتك ربك، فإنه وافٍ لك بما وعدك "، لم يترك استغاثته بربه، لعلمه أن الأمور المقدرة لا بد أن تقع بأسبابها اللازمة لها، المعروفة بها.
ومصداق ذلك ما أنزله سبحانه في تقرير هذا الأمر، وتحقيق هذه القاعدة، وهو قوله تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين - وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم}؛ لأنه سبحانه بين حكم الأسباب المتقدمة والمتأخرة، ورد الأمر إلى حقائق التوحيد، بقوله: {وما النصر إلا من عند الله} وهذا هو نهاية مطالب هذا الباب، واتباع هذه الأحكام الثابتة على هذه الصفة المؤيدة، هو بلا شك أعلى مراتب العبودية، وأنفعها وأرفعها في حق مجموع البرية. فأكثروا من استعمال هذا الأمر الجليل وحسبنا الله ونعم الوكيل.
والحمد لله وحده، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم.
نقلته بنصه من رسالة للشيخ أحمد بن محمد بن مري الحنبلي إلى تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
انظر كتاب الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون تقديم الشيخ بكر أبو زيد ص 158.
ـ[الضبيطي]ــــــــ[21 - 05 - 08, 06:56 م]ـ
ومن الأمثلة على هذه القاعدة: الصحابي الجليل عكاشة بن محصن الأسدي، لما ذكر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في حديث عرض الأمم عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أنه رأى مع أمته سبعين ألفا يدخلون الجنة من غير حساب ولا عذاب، فقام عكاشة، فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: أنت منهم.
فهذا الصحابي الجليل 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - لم يتكل على هذا الخبر الصادق من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بل علم يقينا أن الفوز بالجنة والحصول على هذه الفضيلة لا يدرك إلا بالعمل، فاجتهد 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - إلى أن مات شهيدا حين قتال المرتدين سنة 12 هـ فرضي الله عن صحابة نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ما أعلمهم، وما أفقههم!