[هل شرب عبدالله بن الزبير دم النبي صلى الله عليه وسلم؟.]
ـ[المسيطير]ــــــــ[29 - 08 - 07, 11:21 م]ـ
هل شرب أحد الصحابة دم النبي صلى الله عليه وسلم؟
سؤال:
هل صَحَّ أنه لما احتجم النبي صلى الله عليه وسلم .. أنَّ أحد الصحابة شرب الدم، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (سَرَت فِيكَ النُّبُوَّة)؟.
ذكرته إحدى الطالبات في حديثنا عن نجاسة الدم وحرمة شربه.
الجواب:
الحمد لله
أولا:
الدم المسفوح من المحرمات النجسة، وقد جاء الدليل من الكتاب والسنة والإجماع على ذلك.
يقول الله تعالى: (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) الأنعام/145
قال الطبري رحمه الله "جامع البيان" (8/ 53):
" الرجس: النجس والنتن " انتهى.
أما السنة: فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت:
(جَاءَت امرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَت: إِحدَانَا يُصِيبُ ثَوبَهَا مِن دَمِ الحَيضَةِ كَيفَ تَصنَعُ بِهِ؟ قَالَ: تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقرُصُهُ بِالمَاءِ ثُمَّ تَنضَحُهُ ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ)
رواه البخاري (227) ومسلم (291)
وقد بوب عليه البخاري (باب غسل الدم)، كما بوب عليه النووي (باب نجاسة الدم وكيفية غسله)
وأما الإجماع:
فقال النووي رحمه الله: " الدم نجس، وهو بإجماع المسلمين " انتهى.
ونقله أيضا القرطبي في تفسيره (2/ 210) وابن رشد في بداية المجتهد (1/ 79)
ثانيا:
جاء في بعض الأحاديث أن بعض الصحابة رضي الله عنهم شربوا دم النبي صلى الله عليه وسلم، وفي بعض الروايات أنه أقرهم على ذلك، وفي بعضها أنه أنكر عليهم، ولم أجد في شيء من الروايات اللفظ المذكور في السؤال: (سرت فيك النبوة)، ونذكر هنا هذه الأحاديث وحكم العلماء عليها:
1 - عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه:
(أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَحتَجِمُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: يَا عَبدَ اللَّهِ اذهَب بِهَذَا الدَّمِ فَأَهرِقهُ حَتَّى لا يَرَاهُ أَحَدٌ.
فَلَمَّا بَرَزَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَمَدَ إِلَى الدَّمِ فَشَرِبَهُ.
فَقَالَ: يَا عَبدَ اللَّهِ مَا صَنَعتَ؟
قَالَ: جَعَلتُهُ فِي أَخفَى مَكَانٍ ظَنَنتُ أَنَّهُ يَخفَى عَلَى النَّاسِ.
قَالَ: لَعَلَّكَ شَرِبتَهُ.
قَالَ: نَعَم.
قَالَ: وَلِمَ شَرِبتَ الدَّمَ؟! وَيلٌ لِلنَّاسِ مِنكَ وَوَيلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ)
رواه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/ 414)، والبزار في مسنده (6/ 169)، والحاكم في المستدرك (3/ 638)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/ 67)، ولكن بلفظ: (ما تلقى أمتك منك!)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (28/ 163)
جميعهم من طريق هنيد بن القاسم عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه به.
وهنيد بن القاسم: ترجمته في "التاريخ الكبير" (8/ 249) وفي "الجرح والتعديل" (9/ 121) ولم يذكروا فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5/ 515) ولم يعرف روى عنه إلا موسى بن إسماعيل.
ومثل هذا الراوي يعتبر في عداد المجاهيل، ولكن يحسن حديثه إن تابعه أو شهد له ما يقويه، وقد جاء عن بعض أهل العلم ما يدل على توثيقه وقبول حديثه:
قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/ 30):
" وفي إسناده الهنيد بن القاسم، ولا بأس به، لكنه ليس بالمشهور بالعلم " انتهى.
وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (3/ 366):
" ما علمت في هنيد بن القاسم جرحة " انتهى.
وللحديث طريق أخرى رواها الدارقطني (1/ 228)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (28/ 162) من طريق:
محمد بن حميد ثنا علي بن مجاهد ثنا رباح النوبي أبو محمد مولى آل الزبير عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها: أنها ذكرت قصة شرب عبد الله بن الزبير ابنها دم النبي صلى الله عليه وسلم أمام الحجاج، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم له: لا تمسك النار.
¥