تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[القول الفصل في مسألة رؤية هلال شهر رمضان]

ـ[عبدالله نياوني]ــــــــ[30 - 08 - 07, 08:02 ص]ـ

القول الفصل في مسألة رؤية هلال رمضان

إن مسألة رؤية هلال شهر رمضان، مسألة أخذت من الخلاف مكانها في صفوف أهل العلم قديما وحديثا، فمن قائل بوجوب الصوم على عموم مسلمي العالم، بمجرد ثبوت الرؤية في أي قطر من أقطار العالم، وهو مااشتهر عند الإمام أحمد، وإليه ذهب الإمام أبو حنيفة أيضا، وحجتهم في ذلك، قول الله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) سورة البقرة

وقوله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته .. ) رواه البخاري ومسلم. وقوله صلى الله علي وسلم: (إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا) البخاري ومسلم.

فقالوا بعموم الوحيين أي أن الأمر الوارد في الآية والحديث عام لجميع المسلمين، إذ لم يرد تخصيص لبلد دون آخر.

ومن قائل: باستقلال كل بلد برؤيته، وإليه ذهب القاسم بن محمد، وسالم بن عبدالله، وحجتهم في ذلك، ما رواه كريب: قال قدمت الشام واستهل رمضان وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني ابن عباس، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ فأخبرته، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال:لا (هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) خرَجه مسلم.

ومن مفصَل بين القولين، وهو أنه إن اختلفت المطالع فلكل قوم حكم مطلعهم، وأما إن اتحدت المطالع، فحكمهم واحد في الإمساك والإفطار، وهو مذهب الإمام الشافعي علىالمشهور، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الصحيح والحق الذي ما له من دافع قوي، وذلك للأدلة الراسخة التي تأيده وتسنده، وهي:

· قال الله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) وقال صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته.) البخاري ومسلم

لا ريب أن الأمر الوارد في هذه الآية وهذا الحديث، عام لجميع المسلمين، ولكن العام قد يلجه خصوص كما هو الشأن فيما نحن بصدده. والدليل على تخصيص هذا العام، حديث كريب السالف الذكر، إذ صرح ابن عباس رضي الله عنه، حين سأله كريب: (ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فصرَح بقوله: لا، ثم بين العلة بقوله: (هكذ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم).

ولا شك أننا لا يمكننا فهم الكتاب والسنة بمجرد مداركنا العلمية، دون الرجوع إلى فهم سلفنا الصا لح، إذن هذا هو الكتاب: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) وهذه هي السنة (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)

وهذا ما عليه السلف كما بينه ابن عباس.

ولعل أن يقول قائل: بأن ما صدر من ابن عباس، إنما هورأيه واجتهاده، وأن رأي الصحابي ليس بحجة، قلنا له: بل إن رأي الصحابي حجة، إذا لم يختلف معه غيره، ولا شك أنه كان مع ابن عباس بالمدينة من ا لصحابة، ولم يرد أن أحدا منهم خالفه، لا في الشام ولا في المدينة، فمن قال بخلاف ما قلناه، فاليأت به ببرهانه مشكورا ..

لا أظن أن هناك خلافا بين المسلمين، في أن الإختلاف اليومي له أثره، فالذين في آسيا يمسكون ويفطرون قبل من هم في افريقيا.

وقداتفق الحكم باختلاف المطالع في التوقيت اليومي، فلماذا الزيغ عن الحكم بمثله في التوقيت الشهري .. !؟

وهل يمكن أن يقول قائل في قوله: (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل) سورة البقرة.

وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم) البخاري ومسلم.

هل يمكن لأحد أن يقول بأن هذا عام لجميع المسلمين في كل الأ قطار؟ الجواب لا

فلا يمكن أن نقول إن الليل أقبل وإن النهار أدبر وغربت الشمس في السعودية إذن وجب الإفطار على كل المسلمين، لأن العموم هنا يختص بالدول التي تتحد مطالعها.

وهكذا الحكم في قوله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) وقوله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا)

وهذا هو القول الفصل والقول السديد، والقياس الأصح بين التوقيتين (اليومي والشهري).

وهذا الذي رجحناه، هو ما أيده وقواه جمهورمشايخنا وعلمائنا كالإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى والإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى وغيرهما.

وقال المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في كتابه تمام المنة في التعليق على فقه السنة 398

( ...... وإلى أن تجتمع الدول الإسلامية على ذلك (الصوم برؤية واحدة) فإني أرى على شعب كل دولة أن يصوم مع دولته، ولا ينقسم على نفسه، فيصوم بعضهم معها، وبعضهم مع غيرها- تقدمت في صيامها أوتأخرت- لما في ذلك من توسيع دائرة الخلاف في الشعب الواحد، كما وقع في بعض الدول العربية، منذ بضع سنين. والله المستعان) ا هـ

وختاما، أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يجمع شمل المسلمين على كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.

وصلى الله وسلم على خير البرية نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير