تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إلى أحد قال: ما أحب أن لي مثل أحد ذهبا تمسي علي ثالثة أو رابعة وعندي منه دينار أو درهم - صلوات الله وسلامه عليه - يقول ابن عباس –رضي الله عنهما-: ((كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أجود بالخير من الريح المرسلة وكان أجود ما يكون إذا كان في رمضان)).

فتفتح أبواب الرحمة لأن المؤتسين برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأصحاب القلوب الرحيمة تستجيب لربها وتصدق بوعده وموعوده سبحانه وتعالى، ولذلك سميت الصدقة صدقة؛ لأنها تدل على صدق الإيمان، وتدل على تصديق بوعد الرحمن، فلا يتصدق إلا المصدّقون الصادقون في إيمانهم - جعلنا الله وإياكم منهم - كيف يتعب الإنسان على جمع ماله فيتصبب عرقه ويتعب ويكدح حتى يجني الدنانير والدراهم، فإذا نظر إلى عورة من عورات المسلمين انكشفت، أو جروح نزفت، أو آهات أو صيحات من أرامل المسلمين ومن أيتامهم ومن ضعفائهم جاءه الشيطان فوعده الفقر وقال له: كيف تنفق هذا المال فقد سهرت وتعبت ونصبت، كيف تعطي المال وقد فعلت وفعلت، فإذا به يتذكر أن الذي أعطاه هو الله، وأن الذي يخلف عليه هو الله، وأنه ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وملكان ينزلان يقول أحدهما: ((اللهم أعط منفقا خلفا))، فلا يملك نفسه حتى يأخذ ذلك المال ويعطيه لكي يسد حاجة أخيه، ويدخل السرور على الحزين، ويجبر كسر المكسور بإذن الله سبحانه وتعالى فيكون ذلك من أصدق ما يكون إيمانا وعبودية لله سبحانه وتعالى، ولذلك ما كف الله النار عن وجه العبد بشيء مثل الصدقة، فقال r : (( اتقوا النار ولو بشق تمرة)) الله أكبر شق تمرة قد يحجب الإنسان عن النار، الصدقة القليلة قد تحرّم العبد عن النار، قال عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الصحيح: دخلت امرأة على عائشة –رضي الله عنها- ومعها طفلتان فاستطعمتها فأعطتها ثلاث تمرات فأعطت كل صبية تمرة ثم أخذت التمرة الثالثة تريد أن تأكلها الأم المسكينة الحاملة المتعبة المنهكة المحتاجة الذي أصابها ذل المسألة أخذت التمرة الثالثة تريد أن تأكلها فاستطعمتها إحدى البنتين يعني أكلت البنت تمرتها ثم جاءت على تمرة أمها فاستطعمتها إحدى البنتين تمرتها فأطعمتها إياه فعجبت عائشة –رضي الله عنها- من صنيعها فلما دخل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخبرته، فنزل الوحي على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أجل تمرة لكنها صدقة ممن صدّق وصدَق في إيمانه ويقين فنزل جبريل من أجل تمرة لكي يقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((أتعجبين مما صنعت إن الله حرمها على النار بتمرتها تلك)).

فيعيش المؤمن في شهر الصيام بواعث الخير والإحسان لإخوانه المسلمين، يتذكر المحتاجين، يتذكر المعسرين، ويرجو من الله أن يجعله باب خير فيقضي دين المديون، ويكفكف دموع اليتامى ويجبر قلوب الأرامل والثكالى.

مدرسة في شهر الصيام للجود والسخاء، ألا ليت شعري من هو السعيد الموفق المرحوم بإذن الله، من مرت عليه أيام رمضان فصدق فيها مع الله في جوده وسخائه، فكفل الأيتام، كفل الأرامل وغيره من المحتاجين والمواسين وواساهم، من هو الموفق السعيد الذي بحث في شهر رمضان عن الفقراء في قرابته ولحمته ونسبه، بل حتى ولو لم يكونوا فقراء فكانت عليهم ديون فسدد ديونهم، وقضى حوائجهم فوصل رحمه، واتقى ربه وابتغى ما عند الله، هنيئا ثم هنيئا لمن صام لله، وعرف ماذا يريد الله من صيامه، نعم لم تجع الأحشاء، لم تجع الأمعاء ولم تظمأ الأحشاء لكي يؤدي الإنسان هذه العبادة مجردة، فيدخل شهر رمضان وإذا به من أغفل الناس حتى عن جارهم الفقير –نسأل الله السلامة والعافية- بل من منهم من يقيم الولائم ولا يلتفت لأقرب الناس إليه، والمحروم من حرم، اللهم لا تجعلنا محرومين من رحمتك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير