تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وذكر بعض العلماء في قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((الصيام جنة)) أن العبد إذا جاز على النار نسأل الله أن ينجينا وإياكم منها وأن يسلمنا وإياكم منها فإن الله يجعل الصوم جنة له فكل من عبث في صومه وأضاع حق ربه لم يأمن أن تخدشه النار على قدر تفريطه وتضييعه، فالذين يضيّعون صيام رمضان سيكون لهم من كلاليب النار، وسيكون لهم من بلائها على قدر ما ضيعوا إلا أن يرحمهم الله برحمته، ولذلك ينبغي للمسلم أن يدخل شهر رمضان عاقدا العزم على أن يصوم صيام رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فلا يرضى بأداء الحق فقط، بل يسعى إلى الأكمل والأفضل.

الصائم ونعم الصائم الذي صام لله قلباً وقالباً، صام لله في قلبه فلم يدخله الشحناء ولا البغضاء ولا الحقد على المسلمين، ولا سوء الظن بهم، ولا التهمة، صام لله قلبا حينما أخلص لله وأراد ما عند الله وابتغى وجه الله يتمنى أن صيامه بينه وبين الله لا يعلم به أحد، صام لله قالبا حينما امتنع عما أمر بالامتناع عنه، سواء كان من الأمور التي تتعلق بمطعمه أو مشربه أو شهوته، ولذلك تجده أعف الناس لساناً وأعف الناس جارحةً، وأبعدهم عما لا يرضي الله وأكثرهم صيانةً في حدود الله ومحارم الله، فإذا أردت أن يعظم أجرك وأن يثقل ميزانك تتحرى السنة.

من هدي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تبييت النية في الليل قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((من لم يبيت النية في الليل فلا صوم له)).

ومن هدي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الحرص على السحور قال r : (( تسحروا فإن في السحور بركة)).

والفرق بيننا وبين أهل الكتاب طعمة السحر، فيحرص على أن يتسحر، وأن يصيب السنة وهدي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وأن يحرص على أداء صلاة الفجر مع الجماعة، وأن يحرص على الكمالات والجلوس للإشراق إن أمكن، وأن يحرص على الضحى وصلاة الضحى وأذكار الصباح فيستفتح يومه بالربح والفلاح والصلاح ومناجاة الله سبحانه وتعالى، ثم ينطلق إلى عمله طيّب النفس منشرح الصدر يخاف أن يظلم مسلما أو يؤذي مسلما أو يتعرض لأحد بسوء، فلا يشتم ولا يسخط ولا يجهل، فإذا تسلط عليه أحد بالسوء فسابه أو شاتمه أو قاتله قال: إني صائم، إني صائم، قال بعض العلماء في قوله –عليه الصلاة والسلام-: ((فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم)) قالوا فليقل لنفسه لا تجيبي هذا فإني امرؤ صائم ومعناه أن الصوم يمنع من مجاراة الجهال في جهلهم ويمنع الإنسان عن أن يتلبس باللغط والسخط، بل هو على أفضل وأكمل ما يكون عليه المتكلم، يحرص على ذكر الله فتجده دائم الاستغفار والتهليل والتسبيح والتحميد والتكبير وغير ذلك من ذكر الله، يحرص على أن يؤدي السنن والرغائب والفضائل على الوجه الذي يرضي الله سبحانه وتعالى، رحيما بأهله رحيما ببيته يعلم أبناءه وصغاره يعوّدهم على الصوم ويتفقد أولاده في البيت في هذه الفريضة، فيعينهم على الصوم ويوقظهم للسحور ويتابعهم، ويحفظ لهم صومهم، فإذا رأى خللا أو فسادا أصلحه، وإذا رأى خطأ صوبه، فيكون أبا على أكمل ما يكون عليه الأب الصالح، ويرسم لأولاده وأهله وحبه وزوجه ومن تحت رعايته من الموظفين والعُمّال المثال الفاضل حينما يرونه في شهر الصيام مقبلا على ربه على أحسن وأفضل ما يكون عليه الإقبال.

كذلك أيضا إذا دنا آخر يومه اشتغل بذكر الله عز وجل قبل فطوره، وهيأ نفسه لرحمة الله، فإن العبد إذا صام لوجه الله كانت له فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، وقد أخبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن هذه الفرحة عند لقاء الله عز وجل فقال: ((للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه)).

تأمل قوله: ((فرحة عند لقاء ربه)) أولا أنه قال: فرحة وهذه في لسان العرب نكرة تدل على أنها فرحة كبيرة، وإذا قيل: فرحة وفرح ليس كقولهم الفرحة أو الفرح بل جاءت بصفة دالة على أنها فرحة قد بلغت غاية الفرحة ونهايته - فنسأل الله بعزته وجلاله أن يجعل لنا ولكم أوفر الحظ والنصيب -.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير