تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فرحة بين يدي ربه عند لقاء ربه، فإذا حزن الناس يوم الحزن فرح الصائمون، وإذا أصاب السوء الناس يوم المساءة يوم يقوم الناس لرب العالمين وجد الصائم الإحسان من ربه.

((فرحة عند لقاء ربه)) وما حمل العبد هما ولا غما ولا كربا أعظم من الوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى.

قد آلم القلب أني جاهل مالي ... عند الإله أراض هو أم قالي

وأن ذلك مخبوء إلى يوم اللقا ... ومقفول عليه بأقفال

اللهم ارحم في موقف العرض عليك ذل مقامنا، ونسأل الله أن يرحم ذل مقامنا بين يديك، فأخبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن الصائم بين يدي الله في فرحة، وأنه يجد الفرحة أحوج مما يحتاج إليها يوم يقوم الناس لرب العالمين، يوم لا ينفع مال ولا بنون، ذهبت الأفراح وأسبابها ولم يبق إلا فرح واحد هو الذي يأذن به رب العالمين، ومن هنا يستبشر وهو يقرّب فطوره بعاجل الفرحة التي تذكره بالفرحة العظمى عند لقاء الله سبحانه وتعالى، فلا يملك عند فطره من أن يلهج بالدعاء بربه أن ينجّيه في آخرته، وأن يتمم له تلك الفرحة في موقفه بين يدي ربه، يقف الصائم متأسيا برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالدعاء عند آخر يومه فيدعو لنفسه ويحرص على الكمال في الدعاء.

أولاً: تقف لا تستشعر أن لك فضل على الله فالفضل كله لله، تأمل أن الله قادر أن يبتلينا بمرض يحول بيننا وبين الصوم، فالله على كل شيء قدير، من الذي متّعك بالصحة والعافية، ثم من الذي هداك لهذه العبادة ودلّك عليها، ثم من الذي وفقك وشرح صدرك وجعلك من أهلها، ثم ثم تذكر نعم الله فلا تلبث أن تلهج بالثناء على الله حامدا شاكرا له على فضله، فإذا انتهيت من حمده وشكره تذللت بين يديه تسأله من فواتح الرحمة وخيراتها وبركاتها عليك في دينك ودنياك وآخرتك، فالصائم دعوته لا ترد عند فطره، فهي ساعة ساعة رحمة، يذكر المسلم فيها نفسه وأهله وولده ووالديه ومن له حق عليه والمسلمين والمسلمات، فإذا دنت ساعة الغروب أقبل الرابحون الصائمون المفلحون على ربهم بالدعوات الصادقة، أقبل الرحماء فذكروا إخوانهم المسلمين بصالح الدعوات فعجل بالابتهال إلى الله سبحانه وتعالى فإذا أفطر التمس السنة في فطره، فعجل الفطر كما ثبت في الحديث عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((أن أحب العباد إلى الله أعجلهم فطرا)) وكان هذا من هديه عليه الصلاة والسلام، وتحرى السنة فلا يفطر إلا بعد أن يتأكد من الغروب، يصون دينه يصون عبادته، يبتعد عن تتبع الرخص وعن التساهل في أمور الدين، صبرت الساعات ألا يصبر ثواني معدودات، صبرت الساعات ألا يصبر دقائق قليلة، فيكون على أكمل وأفضل ما يكون عليه المؤدي لعبادته، ثم إذا وفقه الله لإتمام صومه وحمد الله وشكره وصلى صلاته وأصاب طعامه حمد الله سبحانه وتعالى الذي أطعمه وسقاه وكفاه وآواه، وإن استطاع أن ينال الأفضل باتباع السنة فيفطّر إخوانه الجائعين، ويرحم البؤساء والمحتاجين، فيقوم على فطرهم والإحسان إليهم فهذا أعظم في أجره وأثقل في ميزانه، فإذا صلى العشاء تحرى السنة والحرص على إحياء ليالي رمضان، واجتهد بأن يقوم الليل وأن يصدق مع الله في ابتهاله وصلواته، فيأتي إلى عبادة الليل وهي القيام وبعد أن فرغ من عبادة النهار والصيام أقبل على عبادة القيام، استشعر حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((من قام رمضان إيمانا واحتسابا غُفِر له ما تقدم من ذنبه)) فيرجو من الله أن يغفر ذنبه، وأن يجعله من عتقائه من النار، فكم من قائم أصبح كيوم ولدته أمه بلا ذنب ولا خطيئة، فقيام رمضان من الفضائل والرغائب التي حرص عليها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فإذا أراد أن يقوم حرص أولا على الإخلاص، يقوم في مسجده يتمنى أن أحدا لم يطلع على صلاته، فلا يقوم رياء ولا سمعة، ولا من أجل أن تراه الناس، يصلي بالليل، وإنما يقوم لله وفي الله وابتغاء ما عند الله – U- ، وإذا كان إيمانا حرص على استشعار نعمة الله عز وجل الذي فضله وشرفه وقدمه، فحرص على أن يخلص لله في قراءته، ويعطي كتاب الله عز وجل الحظ الأوفر من ضبطه وإتقانه وصيانته، يبكي لوعده ووعيده، وتخويفه وتهديده، يبكي من قرارة قلبه صادقا لا كاذبا، مخلصا لا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير