[الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي]
ـ[طالبة العلم سارة]ــــــــ[01 - 09 - 07, 03:33 ص]ـ
شيخ جليل مهيب، أخلص للّه في تعليم المسلمين أمور دينهم، ونشر عقيدة الإسلام وأحكامه بينهم، وهو من أهالي بلدة عنيزة (إحدى مدن منطقة القصيم) في شمال نجد عاش فيها حياته وكانفيها مقره الأخير.
عام 1373هـ، عين الشيخ عبد الرحمن السعدي مشرفاً على المعهد من الناحية العلمية وكان تعيينه براتب شهري قدره ألف ريال، ولكن الشيخ رحمه الله تعالى أرسل إلى رئاسة المعاهد العلمية أنه على استعداد للإشراف على المعهد حسبة لوجه الله تعالى وأنه لا يريد أن يكون له على ذلك أجر مادي وقبلت الرئاسة شاكرة له هذا الصنيعا لذي لا يصدر إلا من عالم زاهد يبتغي وجه الله.
وكانت للشيخ دروس في المعهد وفي المسجد الجامع وفي بيته المتواضع
وكانرحمه الله يأتي إلى المعهد بانتظام يوم الثلاثاء من كل أسبوع وكان يخلع نعليه عنددخول الفصل أثناء الدرس مع أن في نجد لا يخلعون نعالهم عند دخول المسجد ولا عندالصلاة ولكنه الأدب الراقي واحترام العلم ومجلسه، ثم يدخل آخر صف ويجلس فيه وكأنه أحد طلاب هذا الفصل، ويكرر هذا العمل في أكثر من فصل ويستمع إلى أكثر من مدرس
لقد كان الشيخ عبدالرحمن السعدي من الناحية الدينية هو كل شيء في عنيزة فقد كان العالم والمعلم والإمام والخطيب والمفتي والواعظ والقاضي وصاحب مدرسة دينية له فيها تلاميذمنتظمون.
كان يصلي الفجر بالناس ثم يجلس لأداء الدرس حتى تطلع الشمس ويذهب بعدذلك إلى بيته حتى الضحوة الكبرى فيعود إلى المسجد يعلم أبناه الفقه والتفسيروالحديث والعقيدة والنحو والصرف في دروس منتظمة وكتب اختارها لطلابه ويستمر معهم حتى صلاة الظهر فيصلي بالناس ويعود إلى بيته يستريح فيه إلى صلاة العصر ثم يذهب إلى المسجد فيصلي العصر بالناس ويعطيهم عقب الصلاة وهم جلوس بعض الأحكام الفقهية فيدقائق لا تؤخرهم عن الإنصراف سعياً وراء أرزاقهم وعندما تغرب الشمس يصلي بالناس المغرب ويجلس للدرس حتى يصلي العشاء. ويتكرر ذلك في كل يوم.
وطلاب الشيخ الذين علمهم في المسجد هم الذين تولوا التدريس في المدارس والمعاهد التي فتحتها الدولة فيبلدتهم، فكان الشيخ يكتب بيده شهادة يقول فيها إن فلاناً درس علوم كذا وكذا في كتبكذا وكذا وهو يصلح لتدريس هذه المواد في المستوى الإبتدائي أو الإعدادي أو الثانوي، وتأخذ الدولة بشهادات الشيخ التي أثبتت التجربة فيما بعد أنها معبرة عن الحقيقةأصدق تعبير.
وكان من سيرته - عليه رحمة الله - أنه فيموسم الحصاد تأتي إليه ثمار النخيل والبساتين التي وقفها أصحابها على المسجد الجامع ليؤدي رسالتها لإسلامية العظيمة، فكان الشيخ يجمع كل هذه الثمار في المسجد ويوزعها على الفقراءوالمساكين ولا يأخذ تمرة واحدة يدخلها فاه أو ينقلها إلى بيته.
ومرت الأيام .. وفي نهاية عام 1375هـ الموافق 1956مبدأ العدوان الثلاثي على مصر وهاجمت فرنسا وإنجلترا وإسرائيل أرض مصر ولكل دولةمنهم دوافعها الخاصةوعرف الشيخ السعدي هذه الأبعاد كلها وخطب الناس الجمعة في هذا الموضوع ورفع الناس معه أكف الضراعة إلى الله أن يحمي القوة الإسلامية وأن ينصر المسلمين ويردكيد الكافرين، وقد استجاب الله دعاء، فخطب الشيخ في جمعة تالية مهنئاً ومبشراًومذكراً بقول الله تعالى: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً}.
وقد كان للشيخ اهتمامات ظاهرة بأحوال المسلمين في كل بلاده موكانت مقالاته في الصحف والمجلات في داخل المملكة وخارجها تظهر هذه الإهتمامات وكان يسألنا كثيراً عن أخبار مصر وأحوال المسلمين فيها وجهود علمائها في إقامة السنةوإزالة البدعة مع دعاء حار وأمل كبير في أن يصلح الله أحوال المسلمين.
ومع هذهالجهود المضنية التي كان يبذلها الشيخ كان كثير الكتابة والتأليف فقد كتب تفسيراًللقرآن الكريم كله سماه (منحة اللطيف المنان في تفسير القرآن) وله كتاب في الخطبالمنبرية ورسائل في العقيدة وسؤال وجواب وفي بعض الموضوعات والقضايا الإسلامية وقدتبرع بكتبه كلها وطبعها أهل الخير المحبون للشيخ وعلمه ووزعوها بالمجان على أهلالعلم وطلبته.
وفي شهر ربيع الثاني من عام 1376هـ توفي الشيخ عبد الرحمن السعديعليه رحمة الله ورضوانه وحملت مع الناس نعشه
ومما يوصف به حال الشيخ من عجوز جالسة على طريق الجنازةفقد قالت والناس يمرون وهم يحملون نعش الشيخ قالت العجوز في صدق وحرارة: " نجم هوى ".
رحمالله الشيخ عبد الرحمن السعدي وجعل سيرته الطيبة وأعماله الصالحة في موازين حسناته وأكثر من أمثاله الذين يزهدون في الدنيا ويبتغون ما عند الله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"
بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيعدينه بعرض من الدنيا "
أخوكم مشرف موقع المنشد أبو علي
¥