تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا كان الراوي الذي أجمل فيه الجرح وخلا عن التعديل واحتج به صاحبا الصحيحين قد دخل بذلك في عداد الثقات والعدول. فما بالك بعياض ابن عبد الله الفهري الذي جاء فيه جرح مبهم, وتوثيق له من أحمد بن صالح المصري وابن حبان وابن شاهين. خاصة أحمد بن صالح المصري الإمام الحافظ فإنه مصري مثل عياض بن عبد الله الفهري المدني ثم المصري, ورجل مثل أحمد ابن صالح الذي قال عنه يعقوب الفسوي: ((كتبت عن ألف شيخ وكسر, حجتي فيما بيني وبين الله أحمد بن صالح وأحمد بن حنبل)).انتهى من تذكرة الحفاظ [2/ 496].

فهو يعرف أهل بلده وحديثهم أكثر من غيره, فيقدم قوله على غيره عند التعارض, فكيف ولا تعارض. فإذا انضاف إلى توثيق هؤلاء لعياض احتجاج مسلم به في الصحيح، علمت أن الرجل وفق قواعد التحديث لا يضعفه إلا من تجاهل هذه القواعد وخالفها.

فصل

ولئن سلمن أن عياضاً الفهري ضعيف, فإن الذي نادى على نفسه بعدم الاطلاع هو الذي يضعف حديثه في صحيح مسلم بالذات.لأن مسلماً قد يخرج حديث جماعة من الرواة واقعين في الطبقة الثانية لأغراض مختلفة ذكرها الحفاظ في مواضعها.وانظر مقدمة شرح النووي لمسلم (ص 25).

فقد يكون ذلك الراوي هو من الطبقة الثانية توبع على روايته في مسلم ولكن مسلماً قد لا يخرج المتابعة خشية الإطالة ,وإن فعل لطال معه الأمر جداً.فيأتي المعترض ويقول هذا الحديث ضعيف لوجود راوٍ متكلم فيه، وقد تجاهل أن مسلماً رحمه الله تعالى انتقى كتابه من ثلاثمائة حديث مسموعة، وكل حديث في صحيحه وافقه على تصحيحه الإمام أحمد وابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وابن معين وأبو زرعة، ثم أجمعت الأمة بعد ذلك على صحة ما فيه.

ومن أوضح الأمثلة على ذلك هو عياض بن عبد الله الفهري الذي أخطأ الألباني بتضعيفه فقد روى مسلم له حديث: ((إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل ... الحديث))،من طريق ابن وهب أخبرني عياض بن عبد الله عن أبي الزبير، عن جابر به.

لكن عياضاً لم ينفرد، بل تابعه ابن لهيعة بسند صحيح مر ذكره [ص 109] وذلك فيما أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار [1/ 55]،والدار قطني في سننه [1/ 112] وغيرهما.

ومثله حديث: ((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ... الحديث))،أخرجه مسلم [2/ 675] من حديث ابن وهب أخبرني عياض بن عبد الله عن أبي الزبير، عن جابر، وتقدم الكلام عليه [ص 70].فإن عياضاً لم ينفرد به بل تابعه جماعة من الثقات منهم عمرو بن دينار وحماد بن سلمة و الأمثلة على ذلك كثيرة، وهذا شان المستخرجات.

وهكذا يحصل للمتتبع للطرق ثقة بهذا الكتاب العظيم، وإن الناظر فيه يزداد إعجاباً به وزيادة في الإكبار والإجلال لهذا الصحيح، فجزى الله مصنفه خير الجزاء.

وإذا تفهمت ما سبق بيانه تعلم أن قول الألباني في الضعيفة [2/ 407] بشأن عياض الفهري المحتج به في صحيح مسلم: ((وبالجملة فالرجل ضعيف لا يحتج به))،قول مجانب للصواب، يجب أن يضرب عليه بالمداد الأسود، والله وحده هو الهادي إلى سبيل الرشاد.

ـ[عبد الله]ــــــــ[28 - 01 - 03, 05:45 م]ـ

رد التعدي الثاني

2 - قال الألباني في إرواء العليل [3/ 142 - 144]:حديث أنس أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر ,فحسر ثوبه حتى أصابه المطر ,فقلنا:لم صنعت هذا؟ قال: ((لأنه حديث عهد بربه)) رواه مسلم وأبو داود.ضعيف ,أخرجه البيهقي [3/ 359] عن يزيد بن الهاد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا السيل قال:فذكره ,إلا أنه قال: ((فنتطهر منه , ونحمد الله عليه)).قال البيهقي: هذا منقطع.اهـ.

لا أعرف سببا اًلتضعيف هذا الحديث ولم يبين الألباني سبب التضعيف, وظننت أن خطأً في الطباعة ربما وقع ,ففتشت الجزء الذي فيه الحديث فلم أجد شيئاً يدل على حدوث ما ظننته. وإن كان خطأً في الطباعة وقع فكان ينبغي الإشارة إليه , لأن الأمر عظيم , ولم يشر الألباني أو الناشر لمثل ذلك ,ترجح عندي أن الألباني ضعف الحديث فعلاً. ومما يزيد هذا الترجيح قوة ,أنه لو كان قد حدث منه أو من الطابع خطأ , كان ينبغي الالتفات إليه والتنبيه عليه ,لأن الأمر عظيم يتعلق بالصحيح , خاصة وأن الكتاب ((إرواء الغليل)) قد طبع منذ خمس سنوات فالله المستعان على من يضعف أحاديث الصحيح لأدنى مناسبة في خياله.

وأفضل من يرد على الألباني هو الألباني نفسه، ليكون هذا من باب رد الألباني على الألباني () وهاك الآتي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير