تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال العبد الضعيف مستعيناً بالله تعالى:حديث جابر الذي فيه ست ركعات رواه مسلم من حديث عبد الملك عن عطاء عن جابر، وعبد الملك هو ابن أبي سليمان.

وقد أعلّ الألباني هذه الطريق [إرواء الغليل 3/ 127] فقال: ((وعبد الملك هذا فيه كلام من قبل حفظه، وقد رواه هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر نحوه، وفيه فكانت: ((أربع ركعات وأربع سجدات، فخالفه في قوله: ((ست ركعات)) وهو الصواب. انتهى كلام الألباني.

فحكم على ما رواه عبد الملك بالشذوذ لوجود أمرين:

-1 أن عبد الملك فيه كلام من جهة حفظه.

-2 المخالفة.

أما عن الأمر الأول:فعبد الملك بن سليمان وثقه الثوري - كان يسميه الميزان - وأحمد ويحيى ابن معين وابن عمار والعجلي والنسائي وابن سعد والترمذي وغيرهم. لذلك قال الذهبي في الميزان] 2/ 656]:أحد الثقات المشهورين. اهـ.

ولم يتكلم فيه أحد إلا شعبة، رغم أنه كان يعجب من حفظه، وتكلمه فيه لتفرده عن عطاء بخبر الشفعة للجار. وهذا من تشدد شعبة المعروف والمشهور به، ولذلك دافع عنه أبو حاتم بن حبان فقال في الثقات [7/ 97]: ((كان عبد الملك من خيار أهل الكوفة وحفاظهم، والغالب على من يحفظ ويحدث من حفظه أن يهم وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ صحت عدالته بأوهام يهم في روايته، ولو سلكنا هذا المسلك للزمنا ترك حديث الزهري وابن جريج والثوري وشعبة لأنهم أهل حفظ وإتقان وكانوا يحدثون من حفظهم، ولم يكونوا معصومين حتى لا يهموا في الروايات، بل الاحتياط والأولى في مثل هذا قبول ما يروي الثبت من الروايات وترك ما صح أنه وهم فيها ما لم يفحش ذلك منه حتى يغلب على صوابه، فإن كان كذلك استحق الترك حينئذ)).انتهى كلام ابن حبان.

وعلى ذلك فكلام شعبة فيه غير مقبول وعُدَّ من تشديده.فمن إلقاء الألباني الكلام على عواهنه قوله: ((وعبد الملك فيه كلام من قبل حفظه)) وإذا كان شعبة - الذي تشدد عليه -كان يعجب من حفظه، فليقل لنا الألباني من هذا الذي تكلم في حفظ عبد الملك؟.

فإن صح فهل كل كلام مقبول؟.

ولكن نطلب من الألباني الإجابة على الإشكال الآتي:

تبين من كلامك أنك ترجح رواية هشام عن أبي الزبير عن جابر على رواية عبد الملك عن عطاء عن جابر. ورواية أبي الزبير ضعيفة على رأيك، فلم يصرح أبو الزبير بالسماع عند مسلم [2/ 623] وأبي عوانة [2/ 372]،وأبي داود [1/ 418]،وأحمد [3/ 374] وغيرهم. فلماذا قدمت رواية هشام الدستوائي على رواية عبد الملك وفي الأولى عنعنة أبي الزبير وقد ضعفت ما لم يصرح فيه بالسماع مطلقاً مرات ومرات؟.

فإن أجبت لأن طريق أبي الزبير موافق لما ذكر: ((أربع ركوعات في ركعتين)).

رُدَّ بأن طريق عطاء كذلك موافق لغيره كما سيأتي إن شاء الله تعالى.لكن الألباني ملزم بترجيح رواية عبد الملك على رواية هشام وهو عكس ما ذهب إليه والله أعلم.

تنبيه:

أورد صاحب منار السبيل حديث هشام الدستوائي عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً وفيه: ((فكانت أربع ركعات، وأربع سجدات)).

فعلق عليه الألباني وقال بعد كلام: ((وأبو الزبير وإن كان مدلساً وقد عنعنه، فالحديث صحيح لأن له طريقاً أخرى تقدمت قبله، وذكرت هناك ما بينهما من الخلاف والصواب منه)).انتهى كلام الألباني في إرواء الغليل [1/ 128].

قال العبد الضعيف: وعجبي لا ينقضي من هذا الكلام، فإن الطريق الأخرى التي أشار إليها، هي طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر والتي فيها: ((فصلى بالناس ست ركعات بأربع سجدات)).فأنت ترى الألباني يرد رواية عبد الملك ثم يستشهد بها على صحة رواية هشام عن أبي الزبير، عن جابر مع ما فيها من المخالفة عنده. فكيف يتم الترجيح بالمخالف الشاذ عنده؟ وبذلك يكون قد اجتمع الضدان المتخالفان عنده. فنسأل الله تعالى السلامة من التناقض والتخبط.

أما عن الأمر الثاني:فلا مخالفة إن شاء الله بين عبد الملك وهشام، لأن المخالفة تكون إذا اتفق المخرج أما إذا تعدد المخرج، فكيف تحدث المخالفة؟.

وبيان ذلك: أن هذا الحديث رواه جابر بن عبد الله ورواه عنه في صحيح مسلم عطاء بن أبي رباح وأبو الزبير المكي،فيكون مخرجهما واحداً وهو جابر بن عبد الله،ثم رواه عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء، ورواه هشام الدستوائي عن أبي الزبير، فيكون مخرجهما قد اختلف.فكيف يكون الخلاف في المتن بين عبد الملك وهشام. الأولى أن يكون الخلاف راجعاً لعطاء وأبي الزبير والله أعلم.

على أن عبد الملك بن أبي سليمان لم ينفرد بحكاية: ((ست ركوعات في ركعتين)) فلروايته شواهد من حديث عائشة رضي الله عنها.

فيكون قد صح عن جابر روايتي الست ركوعات والأربع، ولماذا ندعي أن عبد الملك والدستوائي اختلفا!.

وقد روى هشام الدستوائي الست ركوعات من حديث عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم [2/ 621]،وكذلك روى عطاء بن أبى رباح الست ركوعات في حديث عائشة المتقدم.

وبعد، فمدعي الخلاف المؤدي إلى رد إحدى الروايتين عن جابر،فقد رد ما صح سنده، والله أعلم وهو حسبنا ونعم الوكيل.

والألباني بتضعيفه كل ما عدا رواية: ((ركوعين في ركعة)) يرد بذلك ثلاث أحاديث من صحيح مسلم، وإذا كان الآتي بالزيادة عدلاً ثقة. وقد خرجت روايته بالزيادة في الصحيح وجب قبول روايته. وانظر الجوهر النقي [3/ 326].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير