تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الخلط بين التتار والمغول عند كثيرين، وجنكيز خان من المغول!]

ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[06 - 09 - 07, 03:08 م]ـ

هل حمل التتار الإسلام إلى آسيا؟

سؤال:

ما رأيكم فيمن يقول: إن التتار في هجومهم على المسلمين في بغداد دخلوا بعد ذلك دين الله، وحملوا الدين إلى رقاع من آسيا؟

الجواب:

الحمد لله

أولا:

ينبه بعض المحققين من المؤرخين المعاصرين على أن الجيوش التي غزت بلاد المسلمين بقيادة " جنكيزخان " (ت 624هـ، 1227م) فأهلكت الحرث والنسل هي جيوش مغولية الأصل، وليست تتارية، وبين هذين الجنسين والعرقين فرق كبير، وسبب الخلط بينهما هو أن المغول بقيادة " جنكيزخان " بعد أن تغلبوا على التتار أرغموا بعضهم على الانضمام إلى جيوشهم ومشاركتهم في حروبهم قسرا، ومع قيام بعض الأسباب السياسية، وخاصة في العصور المتأخرة، اشتهر اسم " التتار " على تلك الجيوش، بل وأصبح وصف " التتار " علما على الهمجية والقسوة والوحشية، في تفاصيل معقدة من تاريخ شعوب تلك المنطقة، يمكن الاطلاع عليها في دراسة متقنة للدكتور: أبرار كريم الله، بعنوان " مَن هم التتار ".

ثانيا:

ديانة المغول الأولى عبادة الكواكب والسجود للشمس، وكانوا يرون أن (تَنْكَرَى) وهو الرب الذي يعلو السماء الزرقاء يبارك خطواتهم، وأنهم خلقوا ليحكموا العالم كله، ولهذا سمى زعيمهم نفسه بـ " جنكيز خان " أي: حاكم العالم. وكان يحكم بكتاب جمعه من شرائع مختلفة أسماه " الياسق " جعله القانون الذي يتحاكمون إليه.

غير أن المغول تأثروا بالبلاد التي غزوها – وهي بلاد واسعة تمتد من روسيا إلى أوروبا إلى بلاد الشام، فكان بعضهم يعتنق البوذية أو النصرانية، وآخرون يعتنقون الإسلام، وبعضهم يبقى على ما هو عليه.

أما اعتناقهم للإسلام فقد ذكره المؤرخون في كتبهم عن كثير من كبار قادتهم، أنهم انتسبوا للإسلام وأعلنوا انتماءهم له، غير أن كثيرا من محققي العلماء والفقهاء في عصرهم – ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية - لم يقبلوا انتسابهم الاسمي إلى دين الإسلام، وطالبوهم بتحقيقه قولا وفعلا، وأفتوا بكفر فئاتهم التي لم تعمل بالإسلام في شعائرها الظاهرة، ومن أهمها الصلاة والأذان والحكم بالشريعة واعتقاد حرمة المسلم على المسلم.

ولكننا نذكر هنا ما ينقله المؤرخون، كي نعطي صورة " مجتزأة " للإسلام الذي حمله المغول.

جاء في دراسة الدكتور محمود السيد " التتار والمغول " (ص/150 – 154):

" اعتنق " كورجوز " حاكم فارس من قبل " أجتاي خان " الديانة الإسلامية في أواخر عهده، بعد اعتناق بركة خان القبيلة الذهبية 654هـ - 666هـ للعقيدة الإسلامية في أول نصر حقيقي للإسلام، خاصة بعد أن تبعه السواد الأعظم من رعيته، حتى إن كل رجال جيوشه كانوا مسلمين وهم مغول، وتبع ذلك توثيق الروابط السياسية بين " بركة خان " و" بيبرس " سلطان مصر، وتحالف كلاهما ضد أسرة " هولاكو " في فارس.

ولما انتشر المغول في بلاد الصين، واعتنق بعض ملوكهم دين الإسلام في القرن السابع الهجري، وجعلوا مدينة " كاشغر "/غرب الصين عاصمة دولتهم الجديدة، أشير على ملك الصين المغولي " بركة خان " زعيم القبيلة الذهبية بمهادنة الخليفة المستعصم العباسي 640هـ.

ولما انتشر العنصر المغولي المسلم في الجبهة الغربية والشمالية من البلاد أخذ الصينيون الأصليون يتربصون بالمسلمين الدوائر، لا سيما عندما أعلن الأمير " يعقوب خان " 679هـ استقلاله بمملكة " كاشغر " في الشمال الغربي.

ولما أراد دعم الوحدة الإسلامية بايع السلطان العثماني بالخلافة، وانضوى تحت لوائه، ليكون له سندا، وطلب من دار الخلافة خبراء في الفنون الحربية، وسائر الصناعات الهندسية.

كما توطدت العلاقات بين " بركة خان " زعيم القبيلة الذهبية والظاهر " بيبرس "، بل وتحالف الفريقان ضد عدوهما المشترك الذي يمثل " هولاكو " في فارس، ولم يدخر وسعا " هولاكو "، فأسرع في البحث عن حلفاء يناصرونه على هؤلاء المسلمين، فتحالف مع زعماء الصليبيين في بلاد الشام، وقد شجعت " هولاكو " زوجته المسيحية على هذا الخط لتصرفه عن الديانة الإسلامية.

وعلى الرغم من كل هذه الجهود، وأن نفوذ المسلمين بدأ يقوى على مر الزمن، دخل كثيرون من الحكام المغول في الإسلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير