تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المهم أننا عندما يتعلق الأمر بالجنس فإننا سنحتاج إلى الغوص إلى أعماق قد تبدو غريبة في النفس البشرية، وليست لدي مادةٌ سابقة في مناقشة هذا الموضوع بهذا الشكل، ولكنني سأحاول فك بعض الطلاسم اجتهادا قد يصيبُ وقد لا يصيب، حيث يبدو أن رابطا غيبيا ما يوجد في النفس البشرية والنفس التي أقصدها هنا هي النفس البشرية بوجه عام، ولا أعني الذكر أو الأنثى، بل أعني النفس البشرية بغض النظر عن جنسها، لأقول أن هناك رابطا ما قد يكونُ قديما في هذه النفس البشرية بين الألم والجنس، وأنا هنا أتكلم عن غيبٍ يتعلق بالإنسان، وأستنتجه من خلال ما أشاهدُ في الناس الآن.

فأولاً يوجد في العملية الجنسية الطبيعية شيء من السادية من قبل الذكر ومن المازوخية من قبل الأنثى، ولكن ذلك عندما يتم في إطار من الحب، فإن الأمور ستكون مقبولةً فسيكونُ من المقبول أن تتقبل الأنثى بعضًا من سادية الرجل على أنها جزءٌ طبيعي من الذكورة، ولذلك السبب أصبح الأمر يمثل مشكلةً عندما نرى رجلا مازوخيا لأن ذلك يتنافي مع الذكورة.

وهذا يختلف عنه عندما يتم في إطار من الإهانة أو التعذيب، ومن المهم أن أنبه هنا إلى أن ما يحدثُ في بعض حالات السادية المازوخية يختلف من مجرد استخدام بعض الغلظة أو العنف إلى حد الضرب واللسع بالنار، والجرح، وحتى القتل في لحظات الشبق Lust ( الرغبة الجنسية الشديدة وليس قمة المتعة أو النشوة الجنسية كما يظن البعض فيطلقونها على الإرجاز Orgasm)، ويحدث ذلك بالأخص عندما يكونُ أحد الطرفين ساديا والآخر مازوخيا.

المهم أن السادية-المازوخية هي أحد اضطرابات التفضيل الجنسي، والتي يحدثُ فيها ارتباطٌ بين القدرة على الأداء الجنسي الممتع وبين إحداث أو استقبال الألم من أحد الطرفين، ولابد لكي يكونَ التشخيص صحيحا أن يزيد الأمر عن مجرد أنك تتخيلين ذلك، بمعنى أدق أن تستحيل عليك المتعة دون ذلك، أي أنك لن تستمعي باللقاء الجنسي معه دونَ أن يهينك أو يعذبك بشكل أو بآخر، ولا أرى أن الحالة لديك واصلةٌ لذلك! وبالتالي أنا لا أستطيع الرد بثقة على سؤالك الرئيسي هل أنا طبيعية أم مازوخية؟

ومن المهم بعد ذلك أن أقول لك أن اضطرابات التفضيل الجنسي أو ما كانوا يسمونه بالشذوذات أو الانحرافات الجنسية Paraphilias، هي في الأصل اضطرابات نراها في الرجال، ونادرًا جدا أن نراها في الإناث، ودائما ما تقتصر تلك الحالات النادرة في الإناث على المازوحية، ونادرًا ما تسببُ مشاكل تستدعي اللجوء للطبيب النفسي، وسأقول لك كيف في متابعتي معك بعد أن تجيبي على بعض الأسئلة التي سأطرحها عليك في نهاية ردي عليك.

أعود بعد ذلك لأسأل سؤالاً عن وجود ارتباط ما بين الجنس وبين الألم في أعماق النفس البشرية، بمعنى آخر ما هو سبب التعبير المتكرر الذي نسمعه من بعض مرضانا الذكور، بعد فترة طويلة من التفاعل واكتساب الثقة عن وجود ميول مازوخية لديهم، وكيف أنهم يعانون بسبب ذلك لأنه منافٍ للذكورة، فلا يستطيعون التعبير عنه بصورة طبيعية مع زوجاتهن، لكنهم جميعا وبلا استثناء يربطون بينه وبين ذكريات الألم في الطفولة والمرتبط بالإناث وربما أقدامهن بشكل أو بآخر، فتجدين مثلا من يقول: ربما بدأت تلك التخيلات معي وأنا طفل صغير، كانت أمي تخرج وتتركني مع الخادمة، وكانت الخادمة تذلني بجعلي أقبل لها أقدامها، أو أحضر لها مداسها (حذائها)، أو كانت تضربني برفق بأقدامها، وبعضهن يربط ذلك أيضًا بتحرش جنسي من قبل الخادمة في نفس أو ظروف مشابهة، فهل من هنا يجيء الرابط اللا واعي بين الألم أو الإهانة وبين الاستمتاع بالجنس؟ الله أعلم!

فهل الأمر عندك يشبه ذلك التسلسل من جهة أو أخرى؟، سأسألك الآن ماذا كنت تفهمين من تنبيه أمك لك وأنت في طفولتك المبكرة، والذي أشرت إليه بقولك: (بدأت مشكلتي حينما كنت في الرابعة من العمر وكانت أمي دائما تنبهني إلى عدم الاقتراب من الأعضاء التناسلية لأن فيها نهاية البنت)، هل تعرف بنت الرابعة من العمر معنى كلمة نهاية هنا في هذا السياق؟ وبأي شيء يمكنُ أن يرتبط عندها هذا المفهوم المجرد للنهاية؟ ولنفترض أنها قالت لك مرةً من المرات وغالبا حدثَ هذا وإن كنت لم تقولي، أن في اقترابك من هذه المناطق ضياع مستقبلك!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير