ومن الإعراض عن كتاب ربنا، الإعراض عن تدبره، قال الإمام ابن القيم _رحمه الله_: "هجر القرآن أنواع:
أحدها: هجر سماعه والايمان به والاصغاء إليه.
والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به.
والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم اليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم.
والرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.
والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلب وأدوائها فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به".
ثم قال _رحمه الله_: "وكل هذا داخل في قوله: "وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً"".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا) فبين أن من هجر القرآن فهو من أعداء الرسول".
وقال ابن كثير _يرحمه الله_: "وترك تدبره وتفهمه من هجرانه".
وبالمقابل، قال ابن القيم: "ليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده من تدبر القرآن وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرها وعلى طرقاتهما وأسبابهما وثمراتهما ومآل أهلهما، وتتل في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة، وتثبت قواعد الإيمان في قلبه، وتريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه، وتحضره بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم، وتبصره مواقع العبر، وتشهده عدل الله وفضله وتعرفه ذاته وأسماءه وصفاته وأفعاله وما يحبه وما يبغضه وصراطه الموصل إليه وقواطيع الطريق وآفاته، وتعرفه النفس وصفاتها ومفسدات الأعمال ومصححاتها، وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم وأحوالهم وسيماهم ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة.
فتشهده الآخرة حتى كأنه فيها، وتغيبه عن الدنيا حتى كأنه ليس فيها، وتميز له بين الحق والباطل في كل ما يختلف فيه العالم، وتعطيه فرقاناً ونوراً يفرق به بين الهدى والضلال، وتعطيه قوة في قلبه وحياة واسعة وانشراحاً وبهجة وسروراً فيصير في شأن والناس في شأن آخر؛ فلا تزال معانيه تنهض العبد إلى ربه بالوعد الجميل، وتحذره وتخوفه بوعيده من العذاب الوبيل، وتهديه في ظلم الآراء والمذاهب إلى سواء السبيل، وتصده عن اقتحام طرق البدع والأضاليل، وتبصره بحدود الحلال والحرام وتوقفه عليها؛ لئلا يتعداها فيقع في العناء الطويل، وتناديه كلما فترت عزماته: تقدمَ الركبُ، وفاتك الدليل، فاللحاقَ اللحاقَ، والرحيلَ الرحيلَ.
فاعتصم بالله واستعن به وقل: "حسبي الله ونعم الوكيل".
فوجب علينا أن نقرأ القرآن وأن نتأمله وأن نقف معه حتى لايكون فينا شيء من الإعراض عن كتاب الله أو هجره نسأل الله أن يرزقنا تدبر آياته والانتفاع بها.
فيا أيها القاريِ به مُتمَسِّكَ ... مُجِلاً له في كل حالٍ مُبَجِّلا
هنيئاً مريئاً والداك عليهما ... ملابس أنوار من التاج والحُلا
فما ظنكم بالنَّجْلِ عندَ جَزَائه ... أولئك أهلُ اللهِ والصَّفْوَةِ الملا
جزى الله بالخيرات عَنَّى أئمةً ... لنا نقلوا القرآن عذباً وسلسلاً
والحمد لله أولاً وآخراً.
http://www.almoslim.net/admin_prod/show_article_main.cfm?id=1155
ـ[المسيطير]ــــــــ[10 - 09 - 07, 03:03 م]ـ
"مبادئ فهم القرآن" للشيخ عصام العويد
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=90495
دروس في تدبر القرآن
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=90080
ـ[عماد الجيزى]ــــــــ[10 - 09 - 07, 03:46 م]ـ
جزاك اللهُ الخيرات ..
ـ[المسيطير]ــــــــ[10 - 09 - 07, 04:00 م]ـ
الأخ الكريم / عماد الجيزي
حزاك الله خير الجزاء، وأجزله، وأوفاه.
---
قال سماحة الشيخ / عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى:
(فعليك بتدبر القرآن حتى تعرف هذا المعنى، تدبر القرآن من أوله إلى آخره؛ من الفاتحة - وهي أعظم سورة في القرآن، وأفضل سورة فيه - إلى آخر ما في المصحف: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، والمعوذتين.
تدبر القرآن، واقرأه بتدبر وتعقل، ورغبة في العمل والفائدة، لا تقرأه بقلب غافل، اقرأه بقلب حاضر بتفهم وبتعقل، واسأل عما أشكل عليك؛ اسأل أهل العلم عما أشكل عليك، مع أن أكثره – بحمد الله – واضح للعامة والخاصة ممن يعرف اللغة العربية.
مثل قوله - جل وعلا -: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [57]، وقوله - تعالى -: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [58]، وقوله - سبحانه -: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} [59]، وقوله - عز وجل -: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [60]، وقوله - تعالى -: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [61]، وقوله - سبحانه -: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [62]، وقوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [63]، وقوله - عز وجل -: {وأحل الله البيع وحرم الربا} [64].
فكله آيات واضحات، بيّن الله سبحانه وتعالى فيها ما حرم على عباده وما أحل لهم، وما أمرهم به وما نهاهم عنه) أ. هـ.
http://www.ibnbaz.org.sa/index.php?pg=mat&type=article&id=364
¥