تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مسائل و إشكالات في الصيام للشيخ: عبد الكريم الخضير]

ـ[مداد]ــــــــ[11 - 09 - 07, 05:25 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

مسائل وإشكالات في الصيام

الشيخ/ عبد الكريم الخضير

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

مكانة صيام رمضان:

فإنه من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن الصيام ركن من أركانه، وهو أحد دعائمه التي بينت في حديث جبريل وسؤاله للنبي -عليه الصلاة والسلام- لما سأل عن الإيمان والإسلام والإحسان أجابه: بالأركان الخمسة في سؤال الإسلام، وفي حديث عبد الله بن عمر المتفق عليه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)) هكذا في الصحيحين، وفي صحيح مسلم بتقديم الصيام على الحج، وسواء تقدم الصيام على الحج أو تأخر عنه فالإجماع قائم على أن الصيام –صوم شهر رمضان– ركن من أركان الإسلام، والخلاف في كفر تاركه معروف بين أهل العلم ولو أقر بوجوبه، ولكن الذي عليه الجمهور أنه لا يكفر، وإن قال بكفره جمع من أهل العلم، وهذا يدل على أن شأنه عظيم، ومن أفطر في يوم من رمضان من غير عذر لم يقضه صيام الدهر ولو صامه، فهذا يدل على التشديد في شأنه.

الحكمة من الصيام:

ويقول الله -جل وعلا- في محكم التنزيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ–يعني فرض وأوجب– كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة] فالصيام من أعظم ما يحقق التقوى، التي هي وصية الله -جل وعلا- للأولين والآخرين؛ فالتقوى إنما تتحقق بالصيام كما أنها تتحقق ببقية أركان الإسلام كالصلاة والزكاة والحج، وأما الذي لا ينطق بالشهادتين فهذا لم يدخل في الإسلام أصلاً، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، أو حتى يقولوا: لا إله إلا الله)) فالمسألة هي من دخل في الإسلام، وادعى الإسلام ونطق بالشهادتين لا تتحقق له التقوى حتى يأتي بهذا الركن العظيم {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} والتقوى فعل الأوامر واجتناب النواهي.

وقد يقول قائل: أن الناس كثير منهم نراهم يصومون ولا يفرطون في الصيام، يصومون الفرض، شهر رمضان، ويكثرون من صيام النوافل ومع ذلك التقوى لم تتحقق، بمعنى أنهم يفرطون في بعض الواجبات، ويرتكبون بعض المحرمات، والله -جل وعلا- يقول: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} نقول: الصيام الذي يحقق التقوى هو الصيام الذي على مراد الله -جل وعلا-، وعلى مراد رسوله -عليه الصلاة والسلام-؛ فالذي يصوم كصومه -عليه الصلاة والسلام- ويصون صيامه عن الخوارم فالصوم جنة، تقي العبد مما يؤذيه سواء كان هذا في الدنيا أو في الآخرة، فهو جنة ما لم يخرقها، كما جاء في الخبر، فإذا خرقها بما ينقص ثوابها ويضاد ويخالف الهدف من مشروعيتها فهو الذي جنى على نفسه، فنجد في المسلمين من يصوم ويحرص على الصيام، ولو دفع له ما على وجه الأرض من متاع في مقابل صيام يوم واحد لرفض، ومع ذلك لم يتحقق له الهدف الذي من أجله شرع الصيام، وذلكم لأنه لم يصم الصوم الموافق لصيامه -عليه الصلاة والسلام-، تجده يصوم ويمسك عن الطعام والشراب من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، يمسك عن الطعام والشراب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ثم بعد ذلك لا يكف لسانه عن القيل والقال، تجده يتحدث في أعراض الناس، ويأكل لحومهم، ثم لا تجده يحمي سمعه عن الحرام، ولا يحمي بصره عن الحرام، فمثل هذا لا تترتب عليه الآثار التي رتبت عليه شرعاً، إذ هذا الصيام ناقص، لا يقال: بأن الصيام باطل، إذا أمسك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، صومه صحيح ولا يؤمر بإعادته، لكن الآثار المترتبة عليه لا تترتب على صيام هذا الشخص، الذي لم يحمي ولم يصن لسانه ولا سمعه ولا بصره عما حرم الله -جل وعلا-، وهذا الصيام فيه قول الله -جل وعلا-: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] فإذا اتقى الله -جل وعلا- في صيامه فإن صومه مقبول، أما إذا لم يتق الله -جل وعلا- في صيامه بمعنى أنه ارتكب محرماً أو فرط في واجب، نام عن الصلوات المفروضة، صلاها بعد خروج

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير