تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا كنت لا تستطيع الوقوف على حقيقة الحال، ولا يمكن تحسب ما أفطرته ولو بغلبة الظن، يعني تتصور أنك أفطرت قبل خمس سنوات خمسة أيام وقبل أربع سنوات ستة أيام، وهكذا ... إذا استطعت أن تحصر وليس في قضائها ما يشق عليك مشقة تعجز عنها إذا استطعت ذلك فعليك القضاء، عليك أن تقضي، وأما إذا كثرت كثرة بحيث لا تستطيع إحصائها، أو لا تستطيع القيام بها فإنك حينئذ عليك التوبة والاستغفار والعزم على ألا تعود، والندم على ما فات وتكثر حينئذ من نوافل الصيام.

حديث: ((من لم يدع قوم الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه)) ما معنى هذا الحديث؟

يعني أن مثل هذا الصيام أولاً: الله -جل وعلا- ليس بحاجة لا لطاعة المطيع ولا تضره معصية العاصي، ((يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاًَ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاًَ)) فالله -جل وعلا- غني، الغنى المطلق لا تنفعه طاعة مطيق ولا معصية عاصي.

فالمقصود بالحاجة التي يكافيء عليها، فالله -جل وعلا- لا يكافيء مثل هذا، الذي لم يدع قول الزور والعمل به على صيامه، فصيامه كونه ترك الطعام والشراب لا يكفي في ترتب الأثر على هذا الصيام والجزاء العظيم ((الصوم لي، وأنا أجزي به)) فمثل هذا لا تترتب عليه آثاره، ولا يكتب له من الأجر إلا بقدر ما حققه من هدف الصيام، وأما كونه يؤمر به، يؤمر بإعادته فلا.

يقول: من شرب الماء والمؤذن يؤذن للفجر وانقطع عنه في نصف الأذان، هل صيامه صحيح أم لا؟

هذا مبني على كون هذا المؤذن ملتزم بدخول الوقت، الذي هو طلوع الفجر، بعض المؤذنين يؤذن قبل الوقت بدقيقة، ثم إذا انتهى أذن آخر على الوقت، ثم إذا انتهى أذن ثالث بعد الوقت، فإن عرف من حال المؤذن أنه يؤذن قبل الوقت فإنه يأكل لا مانع، إذا عرف من حاله، وإذا عرف من حاله أنه يؤذن بعد الوقت، يلزمه أن يلزم قبله، وتسمعون المؤذنون يتفاوتون ينتهي هذا ويبدأ هذا، يعني الأذان لا يأتي دفعة واحدة من المساجد كلها، على كل حال على الإنسان أن يتحرى وأن يخرج من عهدة الواجب بيقين.

يقول: نريد نصيحة للذين يجتهدون في أول رمضان ثم تخف عبادتهم في نصف رمضان، وينشغلون في العشر الأواخر في شراء الملابس والتجهيز للعيد ويتركون صلاة القيام؟

على الإنسان أن تكون أموره متوسطة يتوسط في أموره كلها؛ لأن بعض الناس يجتهد اجتهاد لا يستطيع الاستمرار عليه، ثم يمل والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((عليكم من العمل ما تطيقون -اكلفوا من العمل ما تطيقون- فإن الله لا يمل حتى تملوا)) فالإنسان عليه أن يأتي بما يستطيع الاستمرار عليه، فإذا كانت قراءته للقرآن مثلاً، إذا قرأ في اليوم خمسة أجزاء، ختم كل ستة أيام أو أربعة ونصف وختم في سبع، يستطيع أكثر من ذلك، لكنه لا يضمن الاستمرار عليه، فإنه يلزم ما يغلب على ظنه أنه يستمر عليه؛ لأن الانقطاع عن العمل الصالح نكوص، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إذا عمل عملاً أثبته، ولا شك أن ترك العمل باعثه الملل، وفي الحديث الصحيح المخرج في البخاري وغيره: ((إن الله لا يمل حتى تملوا)) يعني لا يقطع الأجر حتى تنقطع الأعمال الصالحة، والملل المنسوب إلى الله -جل وعلا- هنا هو من باب المشاكلة، والمجانسة في التعبير.

فهؤلاء الذين اجتهدوا في أول الشهر مسألة مفترضة في شهر واحد، على الإنسان أن يأطر نفسه على الازدياد من الأعمال الصالحة وأن يستمر عليها ويثبت عليها، نعم قضاء الحوائج التي لا بد له منها بحيث لا يقوم مقامه غيره، مثل هذا حينئذ يقوم بأعماله وحاجاته وما يحتاج هو وأهله، لا يمنع من ذلك يشتري حاجاته ويشتري حاجات أهله، لكن لا يكون ذلك على حساب العبادة، فيه أوقات أخرى، في غير وقت القيام، يقول: يشتغلون في العشر الأواخر في شراء الملابس والتجهيز للعيد ويتركون صلاة القيام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير