تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الميزان [3/ 611]: ((قال ابن الجوزي في الضعفاء روى عن مالك،وهذا خطأ ظاهر من أبي الفرج ما أدرك مالكاً)).

ومن تتبع الميزان ولسانه واللآلئ ربما يجد من هذا الشيء الكثير.فأنت ترى ابن الجوزي رحمه الله تعالى مرة يأتي بشيء أنكره عليه الذهبي، وهو من أهل الاستقراء التام في الرجال،ومرة تصرف في عبارة أبي حاتم تصرفاً يؤدي إلى ترك حديث الرجل.فربما وقف ابن الجوزي على حديث رده أحمد و في سنده سويد فقال قولته المذكورة تصرفاً منه، فمن كان حاله كذلك لا يقبل تفرده عن أحمد امام العارفين به الناقلين عنه خاصة ابنه عبد الله وتلميذه أبا داود.

ولكن الخطأ الذي وقع فيه الألباني هو أنه اعتمد على الضعفاء للذهبي الذي اكتفى بنقل ابن الجوزي ولم يذكر باقي الأقوال،فكان ينبغي للألباني وهو يتصدى للكلام على الأحاديث ويخالف المتقدمين ألا يكتفي بالضعفاء للذهبي،بل يُعرج على كتب الجرح والتعديل الأخرى،خاصة وأن الخطب جلل،والأمر عظيم، كيف لا والأمر يتعلق بسند من أسانيد الصحيح التي اتفقت الأمة على تلقيها بالقبول.

3 - أما قول ابن معين رحمه الله تعالى، الذي نقله الألباني ففيه مبالغة كبيرة، لذلك قال الحافظ في التقريب: ((وأفحش فيه ابن معين القول)).

وسبب زيادة ومبالغة ابن معين فيه انه كان يميل إلى الإمام أبي حنيفة رحمه الله وجزاه عن المسلمين خيراً ويمشي على مذهبه غالباً، وظن أن سويداً يروي أحاديث منكرة في ذم الصحابة، فعندما سمع تلك الأحاديث المنكرة أفحش فيه القول لنكارة هذه الأحاديث،ولظنه أن سويداً يرمي بها فقهاء الكوفة رحمهم الله تعالى.

قال أبو زرعة:قلنا لابن معين إن سويداً يحدث عن ابن أبي الرحال عن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر أن النبي ق قال: ((من قال في ديننا برأيه فاقتلوه)) فقال يحيى: ينبغي أن يُبدأ بسويد فيقتل.

فتحامل يحيى بن معين عليه بسبب النكارة الشديدة في الحديث المذكور،واتهمه بهذا الحديث.والحق أن سويداً بريء منه وإنما رواه عن إسحاق بن أبي نجيح الملطي الوضاع.ودليله:قال البرذعي:قيل لأبي زرعة إن سويداً يحدث بهذا عن إسحاق بن نجيح فقال: نعم هذا حديث إسحاق إلى أن سويداً أتى به عن ابن أبي الرجال،قلت:فقد رواه لغيرك عن إسحاق، قال عسى قيل له فرجع.

ومنه يُعلم أن سويداً وهم في رواية الحديث عن ابن أبي الرجال،وإنما هو عن الملطي الذي قال فيه أحمد ():من أكذب الناس،فلما قيل له رجع فصار بريئاً منه ()،ومشي ابن معين على طريقة التشدد مع سويد بن سعيد.

قال حمزة بن يوسف السهمي [السؤالات ص 216]:سألت الدارقطني عن سويد بن سعيد، فقال:تكلم فيه يحيى بن معين وقال:حدث عن أبي معاوية عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد أن النبي ق قال: ((الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة)).قال يحيى بن معين:هذا باطل عن أبي معاوية لم يروه غير سويد وجرح سويداً لروايته هذا الحديث.

قال الدارقطني رحمه الله تعالى: ((فلم نزل نظن أن هذا كما قال يحيى،وأن سويداً أتى أمراً عظيماً في روايته لهذا الحديث، حتى دخلت مصر سنة سبع وخمسين، فوجدت هذا الحديث في مسند أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم البغدادي المعروف بالمنجنيقي وكان ثقة، روى عن أبي كريب عن أبي معاوية كما قال سويد سواء،وتخلص سويد،وصح الحديث عن أبي معاوية)).اهـ.

ومما يدل على أن قول ابن معين: ((حلال الدم)) أو نحو ذلك من المبالغات، أن ابن معين نفسه لم يرد حديثه بل مشى مع الجمهور القائلين بأنه ما ضعف إلا بسبب اختلاطه. قال محمد بن يحيى الخزاز:سألت ابن معين عنه فقال:ما حدثك فاكتب عنه، وما حدث به تلقينا فلا.

فكيف يتهمه بالكذب ونحو ذلك ثم يأمر بالرواية عنه؟ أليس هذا ببرهان قوي ودليل جلي على أن يحيى بن معين لم يقصد الكذب المعهود عندهم بل أتى بهذه الكلمة تزيُّداً.ولله در الحافظ إذ يقول: ((وأفحش فيه ابن معين القول)).

أما قول النسائي:ليس بثقة،فإنه قاله تقليداً ليحيى بن معين،فإنه لما سئل عنه قال: ليس بثقة ولا مأمون،اخبرني سليمان بن الأشعث قال:سمعت يحيى بن معين يقول:سويد بن سعيد حلال الدم. وقد تقدم أن جرح ابن معين لسويد فيه مبالغة كبيرة وانه مردود بأمر يحيى بن معين نفسه للخراز بان يكتب عنه.

ولما رُدَّ قول ابن معين رد تبعاً له قول مقلده والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير