ويمشي الألباني على رد ما رواه زكريا بن أبي زائدة بالعنعنة رغم أنه من المرتبة الثانية من المدلسين ويدلس عن الشعبي فقط كما مر. مثال ذلك: حديث: ((إن منكم رجالاً نكلهم إلى إيمانهم, منهم فرات بن حيان)).رواه زكريا عن أبي إسحاق السبيعي وزاد: ((أتألفهم على الإسلام)).
قال الألباني: ((هذه الزيادة فيها علة, وهي عنعنة زكريا بن أبي زائدة فإنه كان مدلساً)).اهـ. صحيحته [4/ 277].
تعليله الزيادة بتدليس زكريا مردود كما يعلم مما سبق. لكن العلة التي فاتته أن حديث زكريا عن أبي إسحاق فيه لين فإنه سمع منه بعد اختلاطه, وهذا منصوص عليه لا يخفى على أي مطلع. التهذيب [3/ 329] ,التقريب [1/ 161] ,مقدمة الفتح [ص403].
3 - إن هذه العنعنة عنعنة في أحد الصحيحين, وما وقع في الصحيحين من حديث المدلس فهو محمول على سماعه لقيام الدليل عل ذلك وهو تلقي الأمة لأحاديث الصحيحين بالقبول. قال الحافظ السيوطي في ألفيته [ص6]:
فحمله على ثبوته قمن. وما أتانا في الصحيحين بعن.
الثالثة: الترمذي حافظ مجتهد وكم من حديث في الصحيحين حسنه الترمذي وله رأيه في ذلك،فقول الألباني: ((فلعل العلة ..... إلخ))،تقويله ما لم يقله وذلك حتى يفتح لنفسه باب الاستدراك على الترمذي فيقول: ولكن العنعنة إن اعتد بها فهي سبب للتضعيف لا للتحسين. وعليه فالحديث صحيح لا يحتاج إلى شاهد كما ادعى هنا الألباني.
الرابعة: ومن باب رد الألباني على الألباني أقول: إنه صحح نفس الحديث بنفس السند، وسلك الجادة واتبع القواعد الحديثية فقال في صحيحته على زكريا المذكور: ((وهو ثقة ولكنه كان يدلس وقد عنعنه عندهم جميعاً، لكن يبدوا أنه قليل التدليس ولذلك أورده الحافظ في المرتبة الثانية من رسالته ((طبقات المدلسين)) وهي المرتبة التي يورد فيها من احتمل الأئمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح لإمامته وقلة تدليسه في جنب ما رو كالثوري)).اهـ. صحيحته [4/ 209].
هذا كلام مقبول ولكنه ينبغي أن ينبه على أن زكريا لا يدلس إلا عن الشعبي كما سبق توضيحه.
ولما قرأت ما سبق للألباني ظننت أنه تراجع عن كلامه المذكور في إرواء الغليل ولكنه لم يصرح بذلك ولا أشار إليه، فإن الجزء الرابع من صحيحته تأخر خروجه عن إرواء الغليل فترجح عندي أنه ينسى، ولذا يتناقض فتراه بعد أن كتب هذا الكلام [ص209] يرد عنعنة زكريا بعد 68صفحة أي [ص277] من نفس الجزء الرابع من صحيحته الذي ادعى في مقدمته دعاوى عريضة لا تناسب أمام ما أجده من تناقض وأوهام وأخطاء.
فصل
وإذا كان الألباني ضعف الحديث في إرواء الغليل ثم رد على نفسه وصححه بما سبق بيانه, فإنه في حديث آخر فيه زكريا لم يتبع الطريق الذي سبق في الدفاع عن زكريا بل اعتبر عنعنة زكريا كأي عنعنة مدلس ثم صحح الحديث لمجيئه من طريق آخر في التصريح بالسماع. فلماذا لا نراه يثبت على طريقة واحدة؟!.
قال في صحيحته تحت حديث: ((كان يذكر الله على كل أحيانه)).أخرجه مسلم ... إلخ من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة)).ثم قال: ((تابعه الوليد بن القاسم بن الوليد الهمداني, وهو ثقة حسن الحديث إذ لم يخالف, أخرجه أحمد ثنا الوليد ثنا زكريا قال: ثنا خالد بن مسلم به. وفيه فائدة هامة وهي تصريح زكريا بسماعه من خالد, فإنه قد قيل فيه: إنه يدلس عن الشعبي وبعضهم كأبي داود وغيره أطلق ولم يقيده بالشعبي والله اعلم)).اهـ.
فكأنه بدون هذه الفائدة الهامة التي وجدها كان سيحكم على حديث صحيح مسلم بالضعف, وعليه فيلزم-على طريقته هنا-بتضعيف أسانيد زكريا بن أبي زائدة التي لم يصرح بالسماع في داخل مسلم أو خارجه.
وهذا سبيل من تدخل فيما لا يعنيه وتكلم على أحاديث الصحيحين صحة وضعفاً.
ـ[عبد الله]ــــــــ[04 - 02 - 03, 05:30 ص]ـ
رد التعدي الرابع عشر
14 - قال الألباني في صحيحته [4/ 604] تحت حديث: ((لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقاً يذنبون فيغفر لهم)).أخرجه مسلم [8/ 94] والترمذي [2/ 270] وأحمد [5/ 414] من طريق محمد بن قيس-قاص عمر بن عبد العزيز-عن أبي صرمة عن أبي أيوب أنه قال حين حضرته الوفاة: كنت كتمت عنكم شيئاً سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ,سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره. وقال الترمذي: ((حديث حسن غريب)).
¥