الثالث:وجود قرينة هامة هي أن شعبة أثنى على أبي إسحاق السبيعي بل قدمه على مجاهد، قال رجل لشعبة،سمع أبو إسحاق من مجاهد؟ قال:ما كان يصنع هو بمجاهد كان هو أحسن حديثاً من مجاهد ومن الحسن وابن سيرين.اهـ. من تقدمة الجرح والتعديل [ص 148].
فكيف يقدمه على أئمة التابعين ثم يقول في نهاية السياق لا يحسن الحديث؟ ويؤيده أن أبا البختري سعيد بن فيروز من الأثبات الثقات [التهذيب 4/ 72].فيمكن لك أن تقول:إن مطر الوراق ثقة عند شعبة، كيف لا وقد روى عنه و أثنى عليه وقرنه بهؤلاء الأثبات الثقات والله أعلم.
فصل
أما من تكلم عليه فكلامه من الجرح الخفيف،الذي لا يكاد يسلم منه أحد إلا أفراد معدودون من الطبقة الأولى من الثقات. ومن تفصيل الكلام فيه ستجد إن شاء الله تعالى أنه في الحقيقة ليس بجرح.
قال علي بن المديني:كان صالحاً وسطا ًولم يكن بالقوي،نقل هذا النقل عن علي بن المديني محمد بن عثمان بن أبي شيبة في السؤالات [ص48] وابن أبي شيبة ضعيف انظر: تاريخ بغداد [3/ 43]،وان صح كلام ابن المديني في مطر الوراق فهذا يعتبر من أخف الجرح.
وقال أبو داود: ليس هو عندي بحجة،ولا يقطع به في حديث إذا اختلف.التهذيب [10/ 166].هذا أيضاً من أدنى مراتب الجرح, ومثله قول النسائي في الضعفاء [ص 98] ليس بالقوي.اهـ. هذا تليين هين. قال الحافظ في مقدمة الفتح [ص 397] في ترجمة الحسن بن الصباح:قال النسائي: ليس بالقوي،قلت:- أي الحافظ- هذا تليين هين.اهـ، الترمذي يحسن حديث من يقول عنه:ليس بالقوي. [تحفة 9/ 248].
أما قول ابن سعد:كان فيه ضعف في الحديث.اهـ. التهذيب [10/ 168]،فهذا جرح مبهم غير مفسر فيكون مردوداً، وإن كان مفسراً فهو مردود في مقابل تعديل الأئمة الأثبات الثقات.وابن سعد رحمه الله تعالى لا يعتمد عليه بمفرده في هذا الباب خاصة إذا خالف.قال الحافظ في مقدمة الفتح [ص 714] في ترجمة عبد الرحمن بن شريح:شذ بن سعد فقال:منكر الحديث،قلت - أي الحافظ -:ولم يلتفت أحد إلى ابن سعد في هذا فإن مادته من الواقدي في الغالب و الواقدي ليس بمعتمد.اهـ.
ومنه يعلم أن الجرح الذي في مطر الوراق إما من الجرح الذي لم يسلم منه إلى أهل الطبقة الأولى، أو لم يصح، أو أنه غير مفسر، وعليه فمن وثقه شعبة بن الحجاج،وعدله أو أثنى عليه يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل،واحتج به مسلم، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، والعجلي،وأبو بكر البزار، وابن حبان والساجي،يكون من أهل الصدق والعدالة. ولذلك قال الذهبي في الميزان [4/ 127] مطر من رجال مسلم، حسن الحديث،قال في سير أعلام النبلاء [5/ 425]:و لا ينحط حديثه عن رتبة الحسن.اهـ. وأجاد في المغني [2/ 662] فقال:ثقة تابعي.
فماذا يقول الألباني بعد هذا البيان؟
ـ[عبد الله]ــــــــ[06 - 02 - 03, 09:50 ص]ـ
فصل
ولئن سلمنا للألباني قوله في مطر الوراق إنه سيئ الحفظ ويعلل به سند الحديث على ذلك فقد تجاهل أن مطر الوراق كان من أكبر أصحاب قتادة.
قال أبو حاتم الرازي:كان أكبر أصحاب قتادة سناً مطر.اهـ. وقال ابن حبان في الثقات [5/ 435]: كان قتادة قد أوصى إلى مطر.اهـ. وفي المعرفة والتاريخ [2/ 286]: قال قتادة:أرواهم عني حديثاً مطر.اهـ.فملازمته وصحبته لقتادة تعطيه قوة فيه إن كان ضعيفاً في غيره، فكيف وهو من أهل الصدق و العدالة؟ وحديثه الذي علله الألباني هنا من روايته عن قتادة،وهذا يدلك على مبلغ تحقيق الألباني في الرجال،وأنه يأخذ أطراف الكلام من المختصرات فيغلط الغلط الكثير. ومنه تعرف قوة الإمام مسلم بن الحجاج ومعرفته التامة بالرجال وضبطه وإتقانه وتقدمه, فقد أخرج حديث مطر بطريقة سليمة قويمة لا ينتقده عليها إلا من يستحق هو النقد والحمد لله رب العالمين.
أضف إلى هذا أن مسلماً إذا أخرج لمن تكلم فيه فإنما يخرج من حديثه ما جوّده،قال العلامة ابن القيم في زاد المعاد [1/ 136]: ولا عيب على مسلم في إخراج حديثه - أي مطر - لأنه ينتقي من أحاديث هذا الضرب ما يعلم أنه حفظه، كما يطرح أحاديث الثقة ما يعلم انه غلط فيه، فغلط في هذا المقام من استدرك عليه إخراج جميع أحاديث الثقة،ومن ضعف جميع أحاديث سيئ الحفظ، فالأولى طريقة الحاكم وأمثاله والثانية طريقة أبي محمد ابن حزم وأشكاله، وطريقة مسلم هي طريقة أئمة هذا الشأن والله المستعان. اهـ.
¥