تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكلام ابن القيم رحمه الله تعالى نفيس ومتين جداً، ولعل الألباني يقنع به ويكف عن الاسترسال في هذا المهيع الخطير، وهذا باب قد غلط فيه أمثال الحاكم وابن حزم فأين هو ثم أين هو من هؤلاء الأئمة الكبار؟.

فصل

أما قول الألباني: ((ولم يسمع قتادة هذا الحديث من مطرف)) , فإن هذه ليست بعلة.

قال أبو داود الطيالسي: ((حديثا همام قال: كنا عند قتادة فذكرنا هذا الحديث , فقال يونس الهدادي -وما كان فينا أحد أحفظ منه -إن قتادة لم يسمع الحديث , من مطرف فعبنا عليه ذلك , قال:فاسألوه , قال: وجاء أعرابي فقلنا لأعرابي سل قتادة عن خطبة النبي ق عن حديث عياض بن حمار , أسمعه من مطرف؟ فقال الأعرابي:أبا الخطاب أخبرني عن خطبة النبي ق يعني حديث عياض سمعته من مطرف؟ فغضب وقال: حدثنيه ثلاثة عنه يزيد أخوه ابن عبد الله الشخير، وحدثنيه العلاء بن زياد العدوي عنه، وذكر ثالثاً لم يحفظه)).اهـ. مسند أبي داود الطيالسي [ص146].

وروى أحمد نحوه في المسند [4/ 266] إلا أن قتادة حدثني قال: حدثني أربعة: العلاء، ويزيد المذكوران وعقبة فسمى ثلاثة منهم.

فعدم سماع قتادة هذا الحديث -إن صح-لا يضره، فقد رواه عن ثلاثة من الثقات، لكن مسلماً أخرج الحديث من طريق شعبة عن قتادة قال: سمعت مطرفاً في هذا الحديث [4/ 2198].

وطريق شعبة الذي أخرجه مسلم أرجح من طريق همام. لأن هماماً وإن كان ثقة وقوياً في قتادة. لكن شعبة أثبت مطلقاً وفي قتادة خاصة. قال البرديجي: أصح الناس رواية عن قتادة شعبة،كان يوقف قتادة على الحديث،وقال ابن المديني:لما ذكر أصحاب قتادة: كان هشام أرواهم عنه، وسعيد أعلمهم به، وشعبة أعلمهم بما سمع عن قتادة ما لم يسمع، ولم يكن همام عندي بدون القوم فيه. انظر شرح علل الترمذي [ص361 وما بعدها]،والتهذيب [11/ 69].

وعليه فقد طرح مسلم رواية همام عن قتادة في هذا الحديث،أخرج الحديث من طريق أربعة من أصحاب قتادة آخرين في أحدها تصريح بالسماع. ومن دقق النظر في كيفية إخراج مسلم لهذا الحديث في كتابه علم إمامته وتقدمه على أهل عصره فلله دره حافظاً إمام مجداً , ورحمه الله وأثابه رضاه.

فصل

وبعد أن ضعف الألباني السند الذي في الصحيح قال: ((ومن هاتين العلتين , توجهت الهمة إلى تتبع طرق الحديث لعل فيها ما يشد من عضده فوجدته في سنن أبي داود [2/ 300] من طريق الحجاج عن قتادة عن يزيد بن عبد الله عن عياض بن ,

قلت -أي الألباني -: وهذا إسناد ضعيف , لأن الحجاج وهو ابن أرطاة مدلس أيضاً, ثم هو منقطع بين يزيد بن عبد الله وعياض بينهما أخوه مطرف بن عبد الله كما رواه أحمد بالسند الصحيح عن قتادة به. اهـ. كلام الألباني.

قلت: وقد أخطأ الألباني في الحكم على هذا الإسناد بالضعيف.وبيانه ذلك أنه توهم وجود علتين:

الأولى: وجود الحجاج بن أرطاة وهو مدلس.

الثانية: أن في سنده انقطاعاً بين يزيد وقتادة.

أما عن العلة الأولى:فإن الحجاج المذكور ليس هو ابن أرطاة المدلس بل هو الحجاج بن الحجاج الباهلي الثقة المحتج به في الصحيحين.قال أبو داود [4/ 377]:حدثنا أحمد بن حفص، قال: حدثني أبي، حدثني إبراهيم بن طهمان، عن الحجاج، عن قتادة، عن يزيد بن عبد الله عن عياض بن حمار به.

قلت: إبراهيم بن طهمان يروي عن الحجاج بن الحجاج الباهلي، ولم يذكروا من شيوخه الحجاج بن أرطاة كما يعلم من ترجمته في التهذيب [1/ 129]،وصرح الحافظ المزي-حافظ الدنيا- بذلك في تحفة الأشراف [8/ 252] عند إيراده السند المذكور فقال: عن أحمد بن حفص عن أبيه عن إبراهيم بن طهمان عن الحجاج بن الحجاج عن قتادة ... إلخ.

فانظر لتسرع الألباني الذي أداه إلى جعل الثقات ضعفاء، وكن حذراً يقضاً لأوهامه وما أكثرها.

والحجاج الباهلي المذكور ثقة من رجال الصحيحين [التقريب2/ 152] فليس هو الحجاج بن أرطاة:

أما عن توهمه علة ثانية: فيزيد بن عبد الله ثقة من كبار التابعين وقيل له صحبة، فيكون قد أدرك عياضاً إدراكاً بيناً. وعبد الله غير مدلس، فعنعنته هنا محمولة على السماع، كما هو مذهب مسلم م تعالى ومن تبعه، وعليه العمل.

ولا يعل هذا السند ما أشار إليه الألباني ورواه أحمد بسند صحيح [4/ 266]،لأن عبد الله بن يزيد يكون قد سمعه من عياض ومن أخيه مطرف ورواه عالياً ونازلاً، أو يكون قد رواه نازلاً ثم رواه عالياً. فلا ينبغي إعلال هذه الرواية بالمزيدة التي في المسند والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير