تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويجوز للمعتكف الخروج من معتكفه والتنقل في أنحاء المسجد، والخروج إلى ساحته ورحبته المحوطة بسوره، لعموم قوله تعالى (وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) (البقرة: من الآية187) و (في) للظرفية، فتشمل جميع المسجد.

و أما وقت دخول مكان الاعتكاف فإن المعتكف يدخل قبل غروب الشمس ليلة إحدى وعشرين، لحديث أبي سعيد t عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: « ... مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَليَعْتَكِفِ العَشْرَ الأَوَاخِرَ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ الليلةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا ... » الحديث ([4])، ويؤيد ذلك أن من مقاصد الاعتكاف في العشر الأواخر التماس ليلة القدر، وهي ترجي في أوتار العشر، وأولها ليلة إحدى وعشرين.

وأما وقت خروج المعتكف في العشر الأواخر فاستحب كثير من أهل العلم أن يكون خروجه من معتكفه عند خروجه لصلاة العيد، لكي يصل عبادة بعبادة.

والقول الثانِي: أنه يخرج إذا غربت الشمس ليلة العيد، لأن العشر تنتهي بانتهاء الشهر، والشهر ينتهي بغروب الشمس من ليلة العيد ([5])، وهذا هو الأظهر -إن شاء الله- لقوة مأخذه، والله أعلم.

ومن أحكام الاعتكاف:

1 - لابد أن يكون الاعتكاف في مسجد تقام فيه صلاة الجماعة – كما تقدم – فإن كانت تقام فيه الجمعة فهذا أولى، لأن من أهل العلم من اشترط ذلك، وإلا فلا يلزم، لعموم قوله تعالى (وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) (البقرة: من الآية187)، ويجوز له الخروج إلى صلاة الجمعة، لعموم قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) (الجمعة: من الآية9)، لكن هل له أن يبكر إلى الجمعة؟ هذا محل خلاف،والذي يظهر - والله أعلم – أن له ذلك، لعموم أدلة استحباب التبكير إلى الجمعة، ولأنه قد انتقل من مكان عبادة إلى مكان عبادة، واللبث حاصل في مسجد اعتكافه أو في هذا المسجد الذي انتقل إليه.

2 - يجوز خروج المعتكف لحاجته مثل: البول والغائط، وكذا الإتيان بطعام وشراب، أو الإتيان بملابس من المنزل أو المغسلة، أو الإتيان بلحاف أو فراش أو نحو ذلك، إذا لم يوجد من يأتيه بشيء مما ذكر، والأولى أن يأخذ المعتكف معه كل ما يرى أنه بحاجة إليه لقول أبي سعيد رضي الله عنه: اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط، فلما كان صبيحة عشرين نقلنا متاعنا، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (من اعتكف فليرجع إلى معتكفه ... الحديث) [6]. ويجوز الخروج لغُسْلٍ واجب لاحتلام، ونحو ذلك إذا لم يكن في المسجد مكان للغسل، قالت عائشة رضي الله عنها: «وَالسُّنَّة فِي المُعْتَكِفِ: أَنْ لا يَخْرُج إِلا لحَاجَتِهِ التِي لا بُدّ مِنْهَا» ([7]).

وعنها -أيضاً- رضي الله عنها قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لا يَدْخُلُ البَيتَ إِلا لحَاجَةٍ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفاً»، وفي رواية: «إِلا لحَاجَةِ الإِنْسَانِ» ([8])، وفَسَّرَها الزهري

بالبول، والغائط، واتفقوا على استثنائهما، وإنما الخلاف في غيرهما، كالأكل والشرب ([9]).

3 - إذا مرض أثناء اعتكافه فإن كان يسيراً لا تشق معه الإقامة في المسجد كصداع فهذا لا يخرج، لإمكان تعاطي الأدوية وهو في مكانه.

وإن كان شديداً تشق معه الإقامة لحاجته إلى الفراش والخادم، وتردد الطبيب فهذا له الخروج، فإذا شفي رجع وبنى على اعتكافه.

ومن خرج من معتكفه لغير عذر بطل اعتكافه باتفاق الأئمة، لأن هذا ينافي معنى الاعتكاف.

4 - لا يبطل اعتكافه إذا خرج لواجب اشترطه، كأن يعتكف في مسجد لا جمعة فيه، ثم يشترط خروجه للجمعة، ولو لم يشترط بطل اعتكافه ([10]).

أو المسنون: كزيارة مريض أو قريب، أو شهوده جنازة، أو تغسيل ميت، ونحو ذلك مما لا يجب عليه، إلا أن يشترطه في ابتداء اعتكافه، والقول بجواز الاشتراط وصحته في الاعتكاف هو مذهب الجمهور.

واستدلوا بحديث ضباعة بنت الزبير رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «حُجِّي واشْتَرِطِي» ([11]).

ووجه الدلالة: أنه إذا كان الشرط يؤثر في الإحرام وهو ألزم العبادات بالشروع فالاعتكاف من باب أولى ([12]).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير