والعلة الثانية: في يزيد الرقاشي، قال أبو طالب سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا يكتب حديث يزيد الرقاشي، قلت له فلم ترك حديثه لهوى كان فيه؟ قال لا ولكن كان منكر الحديث، وقال ابن سعد: كان ضعيفا قدريا، وقال البخاري: تكلم فيه شعبة، وقال شعبة: لأن أقطع الطريق أحب إلي من أن أروي عن يزيد الرقاشي، وقال يعقوب بن سفيان فيه ضعف، وقال أبو حاتم كان واعظا بكاء كثير الرواية عن أنس بما فيه نظر صاحب عبادة وفي حديثه ضعف، وقال النسائي والحاكم أبو أحمد متروك الحديث، وقال النسائي في موضع آخر والدارقطني والبرقاني ضعيف (7).
وقد ذكر ابن الجوزي هذا الأثر من هذا الطريق في العلل المنتاهية وقال (هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويزيد الرقاشي قال فيه احمد بن حنبل (لا يكتب عنه شيء) قال يحيى: أبو عصمة (ليس بشيء ولا يكتب حديثه) وقال ابن حبان (لا يجوز الاحتجاج به) (8).
وقال الألباني عن هذا الحديث بهذا الطريق في السلسلة الضعيفة: (قلت: وهذا موضوع؛ آفته أبو عصمة هذا - وهو نوح بن أبي مريم، الملقب بـ (الجامع) - جمع كل شيء من العلوم إلا الصدق! قال الحافظ: "كذبوه في الحديث، وقال ابن المبارك: كان يضع"، ويزيد الرقاشي ضعيف، ورقاد بن إبراهيم لم أعرفه.) اهـ قلت ذكر ابن حبان رقاد بن إبراهيم في الثقات (9).
وأما الطريق الثاني: فقد رواه البيهقي في شعب الإيمان (10) وأبو نعيم في الحلية (11) وابن عساكر في تاريخه (12) من طريق حمدون بن عباد، حدثنا يحيى بن هاشم، عن مسعر، عن قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مع كل ختمة دعوة مستجابة». قال أبو نعيم: (لا أعلم رواه عن مسعر غير يحيى ابن هاشم).
وهذا الطريق علته يحيى بن هاشم السمسار.
ذكره ابن حبان في المجروحين وقال: كان ممن يضع الحديث على الثقات، ويروى عن الإثبات الأشياء المعضلات، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب لأهل الصناعة ولا الرواية بحال، وهو الذي روى عن مسعر عن قتادة عن أنس بن مالك عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: " عند كل ختمة دعوة مستجابة" إنما هو يزيد الرقاشى عن أنس، ليس من حديث قتادة ولا مسعر (13).
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال: (كذبه ابن معين، وقال النسائي وغيره: متروك، وقال ابن عدي: كان ببغداد، يضع الحديث ويسرقه، ... وقال صالح جزرة: رأيت يحيى بن هاشم وكان يكذب في الحديث) (14).
لذا قال البيهقي عن هذا الطريق: (في إسناده ضعف وروي من وجه آخر ضعيف عن أنس) (15) ويقصد بالوجه الآخر الطريق السابق عن يزيد عن أنس ثم ذكره.
وهناك أحاديث أخرى غير هذا الحديث في هذا الموضوع، ولكنها كلها ضعيفة ضعفاً شديداً أو موضوعة، فلا يفرح بها.
ومن ذلك:
1) ما رواه ابن عدي في الكامل (16) والبيهقي في شعب الإيمان (17): من طريق علي بن حرب، حدثنا حفص بن عمر بن حكيم، حدثنا عمرو بن قيس الملائي، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من استمع حرفا من كتاب الله طاهرا كتبت له عشر حسنات، ومحيت عنه عشر سيئات، ورفعت له عشر درجات، ومن قرأ حرفا من كتاب الله في صلاة قاعدا كتبت له خمسون حسنة، ومحيت عنه خمسون سيئة، ورفعت له خمسون درجة، ومن قرأ حرفا من كتاب الله في صلاة قائما كتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة ورفعت له مائة درجة، ومن قرأ فختمه كتب الله عنده دعوة مجابة معجلة أو مؤخرة» فقال له رجل: يا أبا عباس إن كان رجل لم يتعلم إلا سورة أو سورتين، قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ختمه من حيث علمه، ختمه من حيث علمه».
وهذا الحديث علته في حفص بن عمر قال ابن عدي في الكامل (حدث عن عمرو بن قيس الملائي عن عطاء عن بن عباس أحاديث بواطيل) (18) ثم ذكر بواطيله، ومنها هذا الحديث ثم قال (وهذه الأحاديث بهذا الإسناد مناكير لا يرويها إلا حفص بن عمر بن حكيم هذا، وهو مجهول، ولا أعلم أحدا روى عنه غير علي بن حرب ولا أعرف له أحاديث غير هذا)، وذكره ابن الجوزي في الضعفاء والمتروكين (19) وقال (حفص بن عمر بن حكيم يلقب بالكبر ويقال الكفر قال ابن حبان الرملي حدث عن ابن جريح قال يحيى: ليس بشيء وقال مرة ليس بثقة ولا مأمون احاديثه كذب وقال الأزدي متروك الحديث) وقال ابن حبان في المجروحين (20) (يروي عن عمرو بن قيس الملائي المناكير الكثيرة ... ولا يجوز
¥