أطاعوا بها فخذ منهم، وتوق كرائم أموال الناس) متفق عليه، وقال أيضاً (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم ألا بحقها، وحسابهم على الله) متفق عليه، وقد أجمع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين على وجوب قتال مانعي الزكاة، وعاملوهم معاملة الكفار المرتدين.
قال ابن قدامه: فمن أنكر وجوبها جهلاً به وكان ممن يجهل ذلك إما لحداثة عهده بالإسلام أو لأنه نشأ ببادية نائية عن الأمصار عرّف وجوبها ولا يحكم بكفره لأنه معذور، وإن كان مسلماً ناشئاً ببلاد الإسلام بين أهل العلم فهو مرتد تجري عليه أحكام المرتدين، ويستتاب ثلاثاً، فإن تاب وإلا قتل لأن أدلة وجوب الزكاة ظاهرة في الكتاب والسنة، وإجماع الأمة فلا تكاد تخفى على أحد ممن هذه حاله، فإذا جحدها فلا يكون إلا لتكذيبه الكتاب والسنة وكفر بهما. أ.ه. (المغني 1/ 414)
ومن مجموعه النصوص السابقة يستفاد ما يأتي:
1) أن الزكاة فرض واجب وركن من أركان الإسلام يجب أن تؤدى كما أوجب الله، فيخرج من كل مال حسب النصاب الشرعي، ومن نفس المال الذي وجبت فيه الزكاة وتؤدى إلى من ذكر الله حسب المصارف الشرعية لقوله تعالى "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم" التوبة 60
2) أن الزكاة واجبة على الفور وليست على التراخي لأنها عبادة مخصوصة بالحول أو جني الثمرة وحصاد الزرع لقوله تعالى "وآتوا حقه يوم حصاده"
ثانياً: فساد القول بجواز استثمار أموال الزكاة:
وقد ذهب بعض الباحثين وطلاب العلم المعاصرين إلى جواز استثمار أموال الزكاة في التجارات والصناعات ونحوها من القائمين على جمعها سواءً كانوا حكومات أو هيئات خيرية. وهذا القول غير المسبوق، ولم يجر عليه عمل قط في عصور الإسلام جميعها، ولم يقل به أحد من أهل العلم سابقاً، ولا شك أنه خطأٌ كبير للأمور التالية:
أنه تبديل لصورة العبادة، وتغيير لأحكامها، وابتداع فيها… فالزكاة عبادة لها أركانها وشروطها وأحكامها، ويجب في العبادات أداؤها كما أمر الله سبحانه وتعالى، فإن زكاة الذهب والفضة يجب إخراجها من نفس المال ذهباً أو فضة، وزكاة الأنعام كذلك وزكاة الزروع والثمار كذلك لا يجوز تبديلها بمال آخر، ومصارف الزكاة لا يجوز زيادتها، ولا صرف الزكاة لغير من الله عليهم من أهلها لقوله تعالى "إنما الصدقات للفقراء والمساكين" .. الآية. والقائلون بجواز استثمار أموال الزكاة يبدلون أحكامها ولا بد، وقد قال صلى الله عليه وسلم (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه مسلم.>
استثمار أموال الزكاة من القائمين على جمعها حكومة كانت أو هيئات هو تصرف لم يأذن به الله ولا رسوله، وبالتالي هو تعد على أمر الله ورسوله.>
استثمار أموال الزكاة بتجارة أو صناعة أو غير ذلك يعرضها للخسارة أو الربح ففي حال الخسارة أو الربح ففي حال الخسارة من يضمن ضياع أموال الزكاة؟ وفي حالة الربح لمن يكون الربح؟ وأي قول إجابة في هذا هو قول على الله بغير علم واجتهاد في موضع النص، ولا يجوز الاجتهاد في موضع النص.
القول بأن الزكاة كالوقف يجوز بحبس أصولها، أو شراء أصول بها وتسبيل ثمرته، قياس مع الفارق وإدخال للعبادات بعضها ببعض، فطريق الوقف غير طريق الزكاة ..
وقياس الزكاة على الأموال الخراجية، التي حبسها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب على بيت مال المسلمين، ولم يوزعها على الغانمين هي نوع من الوقف الإلزامي الذي أذن فيه المسلمون فكانوا كالمتبرعين بأموالهم، وأما مال الزكاة الذي أخرجه المزكي فهو مال الله وقد أصبح حقاً لأهل الزكاة، ولا يجوز لأحد أن يتصرف في مال الله بغير أذن منه، واستثمار أموال الزكاة هو تصرف في مال خاص لله بغير إذن من الله سبحانه وتعالى.
¥