ملكنا هذه الدنيا قرونا وأخضعها جدودٌ خالدونا
وسطَّرنا صحائف من ضياء فما نسي الزمان ولا نسينا
حمَلناها سيوفا لامعاتٍ غداةُ الروع تأبى أن تلينا
إذا خرجت من الأغماد يوما رأيت الهول والفتح المبينا
وكنا حين يأخذنا ولي بطغيان ندوس له الجبينا
وكنا حين يرمينا أناس نؤدبهم أُباةً صابرين
وما فتئ الزمان يدور حتى مضى بالمجد قوم آخرون
وأصبح لا يُرى في الركب قومي وقد عاشوا أئمته سنينا
إذاً أكثرَ من ألفٍ وثلاثمائةِ عام والأمة الإسلامية أمة عظيمة يرهبها الشرق والغرب، ولعله يكفي مثالا واحدا فقط قصة هارون الرشيد عندما قال وهو يخاطب سحابة: (أمطري حيث شئتِ فسيأتي إليَّ خراجك) هذا ما كان في الماضي.
وما سيطر الكفار إلا بعد سقوط الخلافة العثمانية، يعني منذ سبع وسبعين سنة، فكيف تقارن أخي سبعاً وسبعين سنة أو مائة سنة سيطرت فيها حضارات زائفة مادية منحرفة، وتنسى ثلاثة عشر قرناً كان المسيطر فيها هو دين الله، وشرع الله، وتوحيد الله؟!!.
أما عن مستقبل هذه الأمة فقد أخبرنا النبي عن المعركة الفاصلة مع اليهود على نهر الأردن كما حددها عندما قال: ((أنتم شرقيه، وهم غربيه)) حتى يقول الشجر والحجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي فتعال فاقتله.
ومن دلائل نصر هذه الأمة في آخر الزمان، نزول عيسى بن مريم على المنارة البيضاء شرقي دمشق وتجمع المسلمين عليه.
ومن دلائل النصر في آخر الزمان خروج المهدي وقيادته لهذه الأمة كما أخبر النبي. ومن دلائل النصر قول النبي: ((إن أمتي كالغيث لا يدرى خيرٌ أولُه أو آخرَه)) أوله أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وآخره عيسى بن مريم والمهدي، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت جورا وظلما. إذاً لا يجوز أن نقارن لحظة معينة من عمر التاريخ وننسى الماضي كله، والمستقبل كله. وتسلط الكفار في هذا الوقت إنما هو تسلط مؤقت بقدر من الله عز وجل، ولحكمة منه سبحانه وتعالى، ودين الله غالب، ونصر الله قريب، وَ?للَّهُ غَالِبٌ عَلَى? أَمْرِهِ وَلَـ?كِنَّ أَكْثَرَ ?لنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [يوسف:21].
فهذه الأمة منصورة بإذن الله تعالى، فقط تحتاج إلى من ينفض عنها الغبار.
إخواني في الله، ربما يقتل أناس من هذه الأمة، وربما تباد جماعات ومجتمعات، وربما تسقط دول وتذهب أسماء وشعارات، وهذا كله صحيح، لكن الإسلام باق، والذي يريد أن يواجه الإسلام، أو يحارب الإسلام مسكين، مثله كمثل الفراشة التي تحاول إطفاء نور الكهرباء، والله متم نوره ولو كره الكافرون، قال تعالى: هُوَ ?لَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِ?لْهُدَى? وَدِينِ ?لْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ?لدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ ?لْمُشْرِكُونَ [الصف:9].
وإن هذا الدين هو سر بقاء هذه الأمة ووجودِها، وهذه الأمة إنما خلقت للإسلام، ووجدت للإسلام، والذي يريد أن يقضي على الإسلام فليقض على هذه الأمة، وهل يستطيع أحد أن يقضي على هذه الأمة، هيهات ثم هيهات!! فهذه الأمة موعودة بالبقاء، وليس بالبقاء فقط بل بالنصر والتمكين، ولا يزال الله عز وجل يخرج لهذه الأمة في كل مرحلة من تاريخها علماء ودعاة وقادة ومجاهدين يستعملهم في خدمة هذا الدين، ولن يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا وسيدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وأهله، وذلاً يذل الله به الكفر وأهله، كما قال عليه الصلاة والسلام.
كم دفن الناس من طاغية؟ كم دفن الناس من كافر محارب لله ورسوله؟ كم دفن من زنديق؟ كم دفن الناس من كافر؟ كم دفن الناس من منافق وملحد؟ فرعون مضى، النمرود مضى، أبرهة مضى، أبو جهل مضى، هولاكو مضى، جنكيز خان مضى، وقروناً بين ذلك كثيراً، حتى رؤساء الكفر والضلال في هذا الزمان سوف يأتي يوم ويدفنهم أصحابهم، فقط صبر جميل واستعانة بالله، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
إخواني في الله، إن هذا الدين هو كلمة الله عز وجل، ولا إله إلا الله هي كلمة الإسلام، ومن ذا الذي يستطيع أن يُطفئ نور هذه الكلمة؟
أتُطفِئ نورَ الله نفخةُ كافر تعالى الذي في الكبرياء تفردَّا
إذا جلجلت الله أكبر في الوغى تخاذلت الأصوات عن ذلك الندا
ومن خاصم الرحمن خابت جهوده وضاعت مساعيه وأتعابه سُدى
¥