تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذه الأحاديث تدل على عدم شرعية الأذان والإقامة في صلاة العيدين. قال الحافظ العراقي: "وعليه عمل العلماء كافة. وقال ابن قدامة في المغني: "ولا نعلم في هذا خلافاً ممن يعتد بخلافه إلا أنه روي عن ابن الزبير أنه أذن وأقام قال وقيل: إن أول من أذن في العيدين زياد, وهذا دليل على انعقاد الإجماع قبله، على أنه لا يسن لها أذان ولا إقامة7.

وروى ابن أبي شيبة في المصنف بإسناد صحيح عن ابن المسيب قال: أول من أحدث الأذان في العيد معاوية, وقد زعم ابن العربي أنه رواه عن معاوية من لا يوثق به8.

وقول جابر: (وَلَا إِقَامَةَ وَلَا نِدَاءَ وَلَا شَيْءَ):

قال في الفتح: فيه أنه لا يقال قبل صلاة العيد شيء من الكلام، لكن روى الشافعي عن الزهري قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر المؤذن في العيدين فيقول: "الصلاة جامعة". "هذا مرسل يعضده القياس على صلاة الكسوف لثبوت ذلك فيها, وقال مالك -في الموطأ- سمعت غير واحد من علمائنا يقول "لم يكن في الفطر ولا في الأضحى نداء ولا إقامة منذ زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم "وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا" انتهى كلام ابن حجر9.

ومما سبق ذكره نخلص إلى القول: إن هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا ينادى لصلاة عيد الفطر ولا لصلاة عيد الأضحى؛ من أجل أن يحضروا إلى المصلى، ولا من أجل إفهامهم حكم الصلاة، ولا ينبغي فعل ذلك، لا بالميكرفون ولا بغيره؛ لأن وقتهما معلوم والحمد لله، وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} (21) سورة الأحزاب.

فينبغي للحكام الصالحين والعلماء والدعاة إلى الله أن يبينوا للمسلمين حكم هذه الصلاة قبل يوم العيد، وأن يبينوا لهم كيفيتها، وما ينبغي لهم فعله فيها وقبلها وبعدها؛ حتى يتأهبوا للحضور إلى المصلى في وقتها، ويؤدوها على وجهها الشرعي.

فإذا قام الإمام لصلاة العيد فإنه يبدأ بتكبيرة الإحرام، فلا ينادى لها, ولا يقول للناس قبلها: الصلاة جامعة، ولا صلاة العيد، ولا غير ذلك من الألفاظ؛ لعدم ورود ما يدل عليه، وإنما ينادى بالصلاة جامعة في كسوف الشمس وخسوف والقمر10.

اللهم وفقنا للقيام بطاعتك على الوجه الذي يرضيك عنا، وزَكِّ نفوسنا وأقوالنا وأفعالنا، وطهِّرنا من سوء العقيدة والقول والعمل، وجنبنا الابتداع في الدين, وارزقنا حسن التمسك بسنة نبيك محمد –صلى الله عليه وسلم، إنك جواد كريم، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.


1 رواه البخاري -618 - (3/ 48) ومسلم -1081 - (3/ 431).

2 الدروس اليومية من السنن والأحكام الشرعية لـ (د. راشد بن حسين العبد الكريم) وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (8/ 89) بتصرف.

3زاد المعاد (1/ 425) لـ (ابن القيم).

4 رواه البخاري -907 - (4/ 21) ومسلم -1468 - (4/ 399).

5 رواه مسلم -1470 - (4/ 401).

6 رواه أبو داود -968 - (3/ 367) وصححه الألباني ي سنن أبي داود - (1147).

7 المغني لـ (ابن قدامة) - (4/ 240).

8 عون المعبود (3/ 98) ونيل الأوطار للشوكاني (5/ 458) وتحفة الأحوذي للمباركفوري (2/ 72).

9 فتح الباري لابن حجر (3/ 379) وانظر: موطأ مالك –رحمه الله- (2/ 51).

10 عن: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (10/ 319) بتصرف.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير