المسألة الثانية - وهي أهم -: أني رأيت كثيرًا من الفلكيين المنصفين لا ينكرون أن تكون الرؤية البصرية طريقًا لاحبًا في معرفة ثبوت الشهر القمري، كيف ذلك وكثير من بحوثهم في هذا الشأن تقوم على الرصد بالبصر، والتتبع للأفلاك بالعين المجردة ... والمكبرات الحديثة ... وليس على النظريات العقلية المحضة ... لا يا إخواننا الفلكيون المنصفون العلماء منهم بهذا الشأن يبحثون فيما يصحح الرؤية البصرية ... ويرشدها إلى تحقيق الأمر الشرعي بأخصر طريق وأحسنه ... الفلكيون المسلمون لا ينادون أبدًا بإلغاء جنس الرؤية البصرية ... ولا يقولون إنها ليست وسيلة لتحصيل السبب الشرعي ... إنما غاية أمرهم أن يقولوا: إن الرؤية الفلانية المحددة باليوم والشهر الفلاني فيها خطأ أو وهم ... أو التبس أمر الهلال فيها عند بعض الرائين بغيره ... الخ ولهم في هذا المجال دراسات علمية وبيئية من خلال الواقع لا يستطيع من احترم العلم وأهله أن يغض طرفه عنها ... بل لهم في مجال الوصول إلى تحقيق مسألة " إمكانية الرؤية " أو " الرؤية الأولى للهلال " بحوث راقية ... ونظريات قديمة وحديثة يطرب لها المسلم الحصيف المتأمل في آيات الله وبديع صنعه في كونه ... ويعجب للعقل البشري الذي أودعه الله في الإنسان فهداه لهذا كله ... قد راعوا في بحوثهم تلك أمورًا أدق ما يأمله المرء غير المتخصص في هذا الشأن ... ولكن - و آه مما بعد لكن - أبت قدرة الله إلا إعجازهم إلى اليوم ... فلا أحد منهم يزعم أنه توصل لنظر سواء ... أو رأي قاطع يقيني فيها ... بل هو الاجتهاد والبحث والتدقيق إلى ساعتنا هذه ... ولهذا شأن آخر ... وحديث آخر ربما يفهمه بعض إخواننا على غير وجهه فيرشقنا بالتناقض ... ويأخذه ذريعة للنقض على العالمين بهذا الشأن ... وما هو بنافعه شيئا لو تبصر ... وفي كلام شيخ الإسلام تلميح لما أردت تأخير إبدائه ... وجلّ بحث الشيخ - رحمه الله - حول هذه النقطة تحديدًا ... وقد أبدع وأنصف وسبق زمانه - كعادته - ولكن من لا يتأمل في كلامه يذهب به أبعد مما أراده - رحمه الله - فيتسرع فيعيب ما لم يحط به خبرًا ... وكذلك يحصل للأديان - وليس من دين غير الإسلام - و للعلوم إذا تكلم في شأنها من لا يحسن.
أرجو أن يكون هذا الأمر على ذكر من إخواننا ... وأن يتفهموه جيدًا ... فإهماله أحد أسباب اللبس الكبرى في هذا الأمر.
وهنا جواب ما تسأل عنه وفقك الله:
http://www.eda2at.net/vb/showpost.php?p=78610&postcount=1
ومثله هنا:
http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=43&issue=10129&article=379049
و غيره هنا:
ttp://www.nooran.org/O/25/25-16.htm (http://www.nooran.org/O/25/25-16.htm)
ملحوظتان صغيرتان: كلامي السابق كله - ما عدا إشارة واحدة - متنزل على غير معين ... فليتفهم إخواننا ذلك وفقهم الله ... ولست في حاجة إلى أن أقسم على ذلك .. وإن احتمل المقام هذا.
الثانية: أني لست هنا معنيًا بالتشكيك في رؤية أحد ... ولا في رؤية بلد معين ... ولا في طريقة بلد معين اختارها في إثبات دخول الشهر ... إنما البحث على اطلاقه ... وكم كنت أتمنى أن يكون كلامنا تحت غير هذا العنوان.
ـ[نضال مشهود]ــــــــ[14 - 10 - 07, 03:06 م]ـ
جزاكم الله أخي الفاضل خيرا كثيرا على هذا الرد الجميل.
قرأت ما أشرت إليه من الصفحات والحمد لله.
لكن الأسئلة لم تزل باقية لا إجابة لها - بل تزيد كثرة. من أهمها:
بأي معيار حدد الفلكيون موعد المحاق - الولادة - وموعد غروب الشمس والقمر؟
إن كان الجواب "بحكم القياس على ما سبق رصده" أو "بحساب الحاسوب بناء على الأرقام المسجلة في الجداول المعيارية"، فهذا ينقضه ما قلت سابقا إن الله تعالى لم يجعل لمسير الأرض والقمر عادة مطردة بحيث لا يتخلف عنها ألبتة - فضلا أن تطرد سنين أو مئات سنين بلا خلف كما ظهر من كلام المهندس عودة. وإن كان الجواب غير ذلك، فنرجو منكم التوضيح مفصلا. . .!
ثم إننا وجدنا تصويرا واقعيا لهلال الشوال هذه السنة ممن رصده وشاهده بالمرقب:
http://www.icoproject.org/icop/shw28_aram.jpg
أفلا يكون هذا التصوير تسجيلا بينا لوقوع الخطإ من تلك الحسابات القياسية؟
ومعلوم أن المشاهدة أقوى من الحدس والتوقع والقياس والتعديل، بل هي الأصل له.
ولا يقال إن ذلك الهلال المصور المرصود "وهْم" أو "انعكاس في الأفق"، فإن قرنيه متجهان إلى جهة معاكسة لجهة القرنين له مساء اليوم السابق كما هو الواضح في الصورة التالي:
http://www.icoproject.org/icop/ram28w_aram.jpg
فهل من حلّ فلكي لهذا الإشكال. . .؟
أم أن الرؤية رؤية والمشاهدة شهادة؟
ـ[ياسر السيلي]ــــــــ[14 - 10 - 07, 04:25 م]ـ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا له)
ما أيسر هذا! الحمد لله
¥