من هم القَصَّاصُون؟ ... وهل يُمدحون أم يُذمون؟.
ـ[المسيطير]ــــــــ[15 - 10 - 07, 05:57 م]ـ
من هم القَصَّاصُون؟
سؤال:
من هم القُصَّاصُ الذين يعتبرون من التالفين الضعفاء، الذين يعيبهم أنهم قَصَّاصُون؟ هل هم أي شخص يعظ الناس ويذكر القَصَص؟ أم هناك تفصيل في المسألة؟.
الجواب:
الحمد لله
القَصُّ هو فن مخاطبة العامة ووعظهم بالاعتماد على القصة.
يقول ابن الجوزي رحمه الله:
" القاص هو الذي يتبع القصة الماضية بالحكاية عنها والشرح لها ...
والتذكير هو تعريف الخلق نِعَمَ الله عز وجل عليهم، وحثهم على شكره، وتحذيرهم من مخالفته.
وأما الوعظ فهو تخويف يرق له القلب ..
وقد صار اسم القاصِّ عامًّا للأحوال الثلاثة " انتهى.
"القُصَّاص والمذكرون" (157 - 159).
والقصص والوعظ محمود وممدوح من حيث الأصل؛ وذلك أن الله تعالى يقول:
(فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) الأعراف/176
وقال تعالى: (وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) النساء/63.
وقال تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) الذاريات/55.
كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يُذكِّرُ الناس ويعظهم، ويقص عليهم من أنباء الأمم السابقة ما فيه العبرة والموعظة.
فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال:
(وَعَظَنَا رَسُولُ الَّلهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَت مِنهَا العُيونُ، وَوَجِلَت مِنهَا القُلوبُ). رواه الترمذي (2676) وقال: حسن صحيح وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدث الناس عن قصة الثلاثة نفر الذين انطبقت عليهم الصخرة في الغار، فسألوا الله بأعمالهم الصالحة أن يفرجها عنهم حتى انفرجت. رواه البخاري (2215) ومسلم (2743).
وهكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يذكرون الناس بالله تعالى، ويقرؤون عليهم القرآن والحديث، ويدعونهم إلى الاعتبار والادكار بأحوال الماضين.
فعن أبي وائل قال: (كَانَ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعُودٍ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ، فَقَالَ لَه رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبدِ الرَّحمَن، لَوَدِدتُ أَنَّك ذَكَّرتَنَا كُلَّ يَومٍ، قَالَ: أَمَا إِنَّه يَمنَعُنِي مِن ذَلك أَنِّي أَكرَه أَن أُمِلَّكم، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُم بِالمَوعِظَةِ كَمَا كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَينَا). رواه البخاري (70) ومسلم (2821).
فمن سار على هدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه فوعظ الناس وذكرهم بالله تعالى على علم وبصيرة، ولم يَتَقَحَّم أبوابَ الكذب والرياء والمبالغة والجهل، فذلك لا سبيل إلى الإنكار عليه، بل هو مأجور مشكور.
قال الإمام أحمد: إذا كان القاص صدوقاً فلا أرى بمجالسته بأساً.
وسئل الأوزاعي عن القوم يجتمعون فيأمرون رجلا فيقص عليهم فقال: إذا كان ذلك يوما بعد الأيام فليس به بأس.
وروى الخلال عن أبي بكر المروذي قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يعجبني أمر القصاص لأنهم يذكرون الميزان وعذاب القبر، قلت له: فترى الذهاب إليهم؟ قال: إي لعمري إذا كان صدوقا.
قال: وجاء رجل إلى الإمام أحمد فشكا له الوسوسة فقال: عليك بالقاص، ما أنفع مجالستهم.
ولكن لما دخل في باب الوعظ والقص والتذكير من يتقحم ما لا علم له به، فيكذب في الحديث أو يزيد وينقص، أو يظهر عليه حب الظهور والسمعة، أو يكون سيئ السيرة والعمل، لما كان ذلك: اضطر الأئمة من أهل العلم إلى التحذير من أمثال هؤلاء والتنفير منهم.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يخرج من المسجد ويقول: ما أخرجني إلا القصاص ولولاهم ما خرجت.
وعن أم الدرداء أنها بعثت إلى رجلين من الناس: قل لهما فليتقيا الله تعالى وتكون موعظتهما للناس لنفسهما.
وعن شعبة بن الحجاج أنه دنا منه شاب فسأل عن حديث فقال له: أقاص أنت؟ فقال: نعم، قال: اذهب فإنا لا نحدث القصاص، فقال له: لم؟ قال: يأخذون الحديث منا شبرا فيجعلونه ذراعا! أي أنهم يزيدون في الحديث.
¥