[رسالة إمام دار الهجرة أبي عبد الله مالك بن أنس إلى هارون الرشيد (جميلة)]
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[21 - 10 - 07, 08:52 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلي وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
فهذا رسالة بعثها الإمام مالك بن انس إلى هارون الرشيد
وقد انزل الموضوع الأخ
ابو محمد أسامة
على رابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=69844 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=69844)
فجزاه الله كل خير
رسالة إمام دار الهجرة أبي عبد الله مالك بن أنس إلى هارون الرشيد
أعدها للنشر
فضيلة الشيخ عبد الكريم مطيع الحمداوي
ترفع المؤسسة الملكية في المغرب شعارَ المذهبِ المالكي والمحافظةِ عليه وإمارةِ المؤمنين الحفيظةِ على الإسلام ووحدةِ المسلمين في ظل وحدة المذهب المالكي، لذلك نهدي إليها رسالة مؤسس المذهب إمام دار الهجرة أبي عبد الله مالك بن أنس إلى هارون الرشيد في السنن والمواعظ والآداب، مذكرين بأن الرشيد أمر بكتابتها بالذهب إكراما لها وامتثالا لما ورد فيها. ترى ماذا سيكون مصير هذه الهدية؟، وكيف ستعمل المؤسسة الملكية على تطهير المغرب مما صار ذوو المروءة يستحيون من ذكره؟
بسم الله الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإني أكتب إليك بكتاب لم آلُكَ فيه رشدا، ولم أدخر فيه نصحا، تحميدا لله وأدبا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتدبره بعقلك وردد فيه بصرك وأَرْعِهِ سمعك، ثم اعقله بقلبك وأحضره فهمك، ولا تُغَيِّبَنَّ عنه ذهنك. فإن فيه الفضلَ في الدنيا وحسنَ ثواب الله تعالى في الآخرة، والله أسأل لنا ولك التوفيق.
اذكر نفسك في غمرات الموت وكربه، وما هو نازل بك منه، وما أنت موقوف عليه بعد الموت من العرض على الله سبحانه، ثم الحساب ثم الخلود بعد الحساب، وأَعِدَّ لله عز وجل ما يسهل به عليك أهوال تلك المشاهد وكربها؛ فإنك لو رأيت أهل سخط الله تعالى وما صاروا إليه من أهوال العذاب وشدة نقمته عليهم وسمعت زفيرهم في النار وشهيقهم مع كُلوح وجوههم وطول غمهم وتقلبهم في دركاتها على وجوههم لا يسمعون ولا يبصرون ويدعون بالويل والثبور، وأعظم من ذلك حسرة وبلية عليهم إعراض الله تعالى عنهم وانقطاع رجائهم وإجابته إياهم بعد طول غمهم ودوام حزنهم بقوله {قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} المؤمنون108، لم يتعاظم شيء من الدنيا إلا طلبت به النجاة من ذلك وأردت به الأمان من أهواله، ولو قدمت في طلب النجاة من تلك الشدائد جميع ما ملك أهل الدنيا لكان صغيرا حقيرا.
ولو رأيت أهل طاعة الله تعالى وما صاروا إليه من كرم الله عز وجل وشريف منزلتهم عنده مع قربهم منه عز وجل ونضرة وجوههم ونور ألوانهم وسرورهم بالنعيم المقيم والنظر إليه سبحانه والمكانة منه لتَقَلَّلَ في عينك عظيمُ ما طلبت به صغيرَ ما عند الله، ولصَغُر في عينك جسيمُ ما طلبت به صغيَر ذلك من الآخرة.
فاحذر على نفسك يرحمك الله حذرا غير تغرير، وبادر بنفسك قبل أن تُسْبَقَ إليها وما تخاف الحسرة منه عند نزول الموت، وخاصم نفسك على مهل وأنت تقدر بإذن الله عز وجل على جر المنفعة إليها ودفع البلية عنها قبل أن يتولى الله حسابها ثم لا تقدر على صرف المكروه عنها ولا اكتساب المنفعة لها، ولا تجد لها حجة ولا عذرا فتبوء بسوء كسبها، واجعل لله نصيبا من نفسك بالليل والنهار.
صل بالنهار اثنتي عشرة ركعة، واقرأ في كل ركعة بالحمد وما أحببت من القرآن، إن شئت صليتهن جميعا وإن شئت صليتهن متفرقات، فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة بنى الله له بيتا في الجنة)؛ وصل من الليل ثمان ركعات بجزء من القرآن وأعط كل ركعة حقها والذي ينبغي فيها من تمام الركوع والسجود، وصلهن مثنى مثنى، فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي من الليل ثمان ركعات والوتر ثلاث ركعات سوى ذلك، يسلم من كل اثنتين، وصم ثلاثة أيام من كل شهر، الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، فإنه بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ذلك صيام الدهر)؛ وأعط زكاة مالك طيبة بها نفسك حين يحول عليه
¥