قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} البقرة
وقال تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} الأنعام 213
ومن أجله شرع الله الجهاد ومقارعة الأعداء
قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ}
وقد توعد رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم من ترك دينه بالقتل
قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: " من بدل دينه فاقتلوه "
وهناك الكثير من الآيات والأحاديث والآثار التي تتوعد من اعتدى على هذا الدين بالخسران في الدنيا والآخرة
فإذا عرفنا هذا وعرفنا أن من أجل الأعمال وأسماها أن يبذل المسلم نفسه وماله من أجل هذا الدين عرفنا أن الحفاظ على مصلحة الدين اعظم مصلحة ينبغي على المسلم مراعاتها وحفظها
قال الشاطبي رحمه الله:
" كما أن المنافع الحاصلة للمكلف مشوبة بالمضار عادة كما أن المضار محفوفة ببعض المنافع؛ كما نقول إن النفوس محترمة محفوظة ومطلوبة، بحيث إذا دار الأمر بين إحيائها وإتلاف المال عليها، أو أتلافها وإحياء المال، كان إحياؤها أولى، فإن عارض إحياؤها إماتة الدين كان إحياء الدين أولى، وإن أدى إلى إماتتها؛ كما في جهاد الكفار، وقتل المرتد، ..... ومع ذلك، فالمعتبر إنما هو الأمر الأعظم، وهو جهة المصلحة التي هي عماد الدين والدنيا لا من حيث أهواء النفوس ". انتهى
قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} التوبة111
ومن هذا المنطلق نفهم حقيقة التضحية التي من أجلها علم الغلام الملك كيفية قتله بعد أن سلك معه أعظم الطرق لذلك وعجز عن قتله
فالثبات على الحق، وفداء الإسلام بالأرواح اعظم مصالح الخلق وأصوبها للحق.
قال الغلام للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به. قال ما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع ثم خذ سهما من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل: بسم الله رب الغلام. ثم ارمني، فإنك إن فعلت ذلك قتلتني .........
وانطلاقا من معرفة هذا المقصد العظيم وأهميته في حياة المسلمين ندرك أهمية تحقيقه في حياة الناس.
ويتبين لنا من ذلك خطورة تزييف الحقائق عند الكثيرين من الذين جعلوا من المصلحة الوطنية، أو من مصلحة الثوابت الاجتماعية أو تحصيل المكاسب المادية، أو إرضاء المجتمع الغربي أو الدولي، مصالح أساسية وقواعد مهمة في حياة شعوبهم ودولهم، يقدمونها على مصلحة الدين!!!.
ورحم الله القائل:
وإن كانت الأبدان للموت أنشئت ...... فقتل امرئ في الله بالسيف أجمل
ومما يجب معرفته أن المصلحة الشرعية والعمل على حفظها قائم على ضوابط وأصول لا علاقة للعقل بتحكيمها ولا للهوى والشهوات سبيل للوصول إليها
كما أنه لا يجوز مراعاة حكم على آخر إن كان يعود عليه بالخلل، أو أن يكون معارضا له في الحكم
وعليه فلا يجوز معارضة هذا الأصل بأصل فاسد من أصول أهل الهوى والشهوات، أو التحايل عليه للوصول إلى مصلحة ظنية في اعتقاد المعارض أن هذا عمل محمود
يقول الشاطبي رحمه الله في موافقاته:
" أن ما جاء ضمن المحمود مع مخالفته للشرع واتباع الهوى طريق إلى المذموم لأنه مضاد بوضعه لوضع الشريعة، فحيثما زاحم مقتضاها في العمل كان مخوفا.
¥