أولا: لأنه سببا في تعطيل الأوامر وارتكاب النواهي.
ثانيا: أنه إذا اتبع واعتيد، ربما أحدث للنفس ضراوة وأُنسا به حتى يسري معها في أعمالها، فقد يكون مسبوقا بالامتثال الشرعي فيصير سابقا لها، وإذا صار سابقا له صار العمل المثالي تبعا له وفي حكمه، فبسرعة ما يصير صاحبه إلى المخالفة.
ثالثا: إن العامل بمقتضى الامتثال من نتائج عمله الالتذاذ بما هو فيه، والنعيم بما يجتبيه، وربما أكرم ببعض الكرامات أو وضع له القبول فانحاش الناس إليه وانتفعوا به وأمّوه لأغراضهم المتعلقة بدنياهم وأخراهم مما يدخل على السالكين طرق الأعمال الصالحة فإذا دخل عليهم ذلك كان للنفس بهجة وأنس وغنى ولذة وإذا كان كذلك فلعل النفس تنزع _ تشتد _ إلى مقدمات ذلك فتكون سابقة للأعمال، وهو من باب السقوط والعياذ بالله.
رابعا: ومنها أن اتباع الهوى في الأحكام الشرعية مظنة لأن يحتال بها على أغراضه فتصير كالآلة المعدة لاقتناص أغراضه، ومن تتبع مآلات اتباع الهوى في الشرعيات وجد من المفاسد كثيرا. انتهى
وقد لجأ البعض للوسائل الغير شرعية للوصول إلى المصلحة الشرعية اعتقادا منه أنها انفع وأصلح، مع عدم حاجته أصلا في سلوك هذا الطريق المذموم مع توفر طرق الخير للدعوة وكثرة انتشارها وتنوع وسائلها الشرعية.
يقول تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} الأنعام153
كما أنتشر أخيرا الدعوة للدين عن طريق المحطات الفضائية الهابطة، التي جل اهتمامها نشر الرذيلة وفساد الدين والعقيدة وضياع الأخلاق، بحجة المصلحة الشرعية، بل وجدنا أن أحدهم اشتد إنكاره على الخروج في فضائية بعينها مع وصفه إياها قبل أن يصبح له زاوية فيها؟؟!!!.
" بأنها الخطر الداهم،الجدير بالمسلم محاربته، لأنها تعمل على مسخ العقيدة وأنها سبب لفقدان الإنسان عقيدته ولما فيها من الغزو الصليبي لبيوت المسلمين، وأن ما يبث فيها من إسلاميات لا يعتبر مبررا لاقتنائها لأن هذا قليل من كثير لفترة ما يبث فيها من فساد وإفساد، وعلى كل فرد من المسلمين واجب التحذير منها .... " الخ.
أقول:
قد غزا الصليبيون بيوت المسلمين بالفضائيات وأفسدوا الأخلاق، لكنهم مهما حاولوا بث سمومهم وشبهاتهم ضد الإسلام فلن يقدروا أن يغيروا مفهوم الإسلام عند المسلمين لأنها عقيدة راسخة في قلوبهم، وإن فسدت أخلاقهم
لكنهم عمدوا على تغيير تلك العقيدة من عقول المسلمين بأن أخرجوا لهم من يتحدث بألسنتهم من بني جلدتهم لتمرير مخططات الأعداء سواء كان هذا بتشويه صورة الإسلام بتحسين صورة الغرب، أو بتشويه صورة المجاهدين باعتبارهم بأنهم من يقتل ويذبح، وأنهم سبب الدمار، وخراب الديار، أو ببث الأراجيف، أو تزيينهم للباطل، وتشويهم للحق، فيلقى هذا قبولا عند أصحاب القلوب المريضة.
فلا بد لنا من التيقن أن المصلحة لا تكون إلا في سلوك الطريق المستقيم، وسلوك الطريق الملتوي والمشبوه للدعوة إلى الله مفسدة وخسران حتى وإن كانت لها نتائج محمودة.
قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} الأنعام153
ويحضرني الآن قصة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيما ظن أو اعتبر أن نتائج عمله محمودة مع مخالفتها للشرع عندما سئل عن جماعة يجتمعون على قصد الكبائر من قتل وقطع طريق وغير ذلك ثم إن شيخا من المشائخ المعروفين بالخير واتباع السنة قصد منع المذكورين من ذلك فلم يمكنه إلا أن يقيم لهم سماعا يجتمعون فيه بهذه النية، وهو دف بلا صلاصل، وغناء المغني بشعر مباح بغير شبابة، فلما فعل هذا تاب منهم جماعة وأصبح من لا يصلي ويسرق ولا يزكي يتورع عن الشبهات،
فهل يباح فعل هذا السماع لهذا الشيخ على هذا الوجه، ولما يترتب عليه من مصالح مع أنه لا يمكن دعوتهم إلا بهذا؟؟.
أجاب رحمه الله: بعد ذكره مقدمة في أهمية التمسك بالكتاب والسنة:
¥