تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[صيام الست من شوال &صيام رمضان؟!]

ـ[حسين بن عجب]ــــــــ[28 - 10 - 07, 01:10 ص]ـ

مر على علينا الشهر الكريم بأسرع مما كنا نتصور فقد كان بحق أيام معدودات،فاز فيها الفائزون وخسر فيها المحرومون،وكان من المشاهد والمحسوس لدى الكثيرين سهولة ويسر الصوم مع سائر الناس في الشهر الكريم 29يوم مرت ولم نحس بها و أو نتململ من صوم أو جوع أو غيره مما يحدثه الصوم على الصائم، بل شاهدنا من بعض صغار السن الذين كان يصعب عليهم الصوم أول الشهر نتيجة البدء فيه أول مرة قد يسر وهان عليهم الأمر في آخر الشهر حتى ذهبت تلك النوايا والخواطر التي قد تأتي لبعضهم بأن يحدث نفسه بالفطر خلال وقت النهار نتيجة التعب فلما استمر به الأمر وصبر وصابر وما رآه من حال أهله فالكل صائم وممسك عن الطعام صارت تلك العبادة سجية وفطرة في قلوب هؤلاء الأطفال يتفاخرون ويتباهون بها ولا يمكن لأحدهم أن يترك صومه أو أن يفطر والناس حوله صائمون.

أحبتي إذا كان هذا حال الأطفال فما ظنكم بالكبار هل ستفتر عزائمهم وهم من أوجب الله عليهم هذا الركن من أركان الإسلام لا يظن ذلك عاقل أبدا.

موضوعنا هنا أيها الأخوة والأخوات الكرام هو حول أثر الناس والمجتمع على الفرد وأهمية أن يتحمل الفرد المسؤولية عن نفسه،نرى جميعاً كيف أن الصعب يصبح سهلاً إذا كثر مرتقوه من الناس،صيام شهر رمضان وصيامنا هذه الأيام الست من شوال أقرب مثال لنا في هذه الأيام كم كان من السهل واليسير على نفوس الكثيرين صيام الشهر الكريم كاملاً ولكنهم هذه الأيام يستثقلون ويستكثرون صيام الست من شوال مع ملاحظة أنه في هذه الأيام وقت النهار فيها أقصر مما كان عليه في رمضان وكذلك الجو قد لطف وقلت حرارته،

فيا ترى ما السبب في إحجام كثير من الناس عن صوم هذه الأيام الست من شوال؟

وما السبب في المشقة التي قد يجدها البعض من صوم هذه الأيام؟

ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان وسِتّاً من شوّال فقد صام الدهر».رواه أحمد

الجواب أيها الأخوة والأخوات أننا كنا في رمضان نصوم مع الناس ونفطر معهم ولم نربي أنفسنا من قبل رمضان أومن بعده على العبادة المحضة التي نداوم عليها سواء كان الناس معنا أو كنا لوحدنا مع أنفسنا، وهذا النوع من التربية هو الذي نحتاجه كثيراً في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن والمغريات والشهوات والشبهات بين المسلمين فترى واقع الفرد اليوم يرثى له –إلا من رحم الله- في زمن قل فيه الواعظون والمذكرون برب العالمين وما أعده الله للمتقين من نعيم مقيم وما توعد به المكذبين من العذاب الأليم،كأننا ليس لنا قدوة أو أسوة في الذين خلو من قبلنا من القرون المفضلة والعصور الزاهية بالعباد والزهاد والأمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.

جاء في سنن الترمذي عن أبي أُمَيِّةَ الشَّعْبَانِيِّ، قال: أَتيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَصْنَعُ في هَذِهِ الآيَةِ؟ قال: أَيَّةُ آيَةٍ؟ قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكَمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} قال: «أَمَا والله لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيراً، سَأَلْتُ عَنْهَا رسولَ الله فقال: «بَلْ ائْتَمِرُوا بِالمَعْرُوفِ، وَتَنَاهَوْا عَنِ المُنْكَرِ، حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعاً، وَهَوًى مُتَّبَعاً، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّاماً الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ، لِلعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ». قال عَبْدُ الله بنُ المُبَارَكِ: وَزَادَني غيرُ عُتْبَةَ قِيلَ: يَا رَسُولَ الله أجْرُ خَمْسِينَ رَجُلاً مِنَّا أوْ مِنْهُمْ؟ قال: «لاَ، بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلاً مِنْكُمْ».

ما أحوجنا أيها المسلمين ونحن نحي هذه السنن المندثرة بعد طول هذه الأزمان أن نستشعر هذه المعاني التي جاء بها هذا الحديث الشريف الاهتمام بالنفس وإصلاحها وتزكيتها (فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ) وترك ما عليه الناس من الغواية والضلال (وَدَعِ الْعَوَامَّ) والصبر الذي هو نصف الإيمان (فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّاماً الصَّبْرُ) واحتساب الأجر والمثوبة عند الله وإخلاص العمل له وحده (لِلعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلاً).

زادنا الله حرصا ورغبة في الخير وتطبيق للسنن النبوية وإحياءها بين المسلمين،وإنما أردت فقط التذكير بفضائل الست من شوال وتربية النفس على العمل الصالح الفردي الدائم وإن قل وترك الكسل والتثاقل عن الطاعات والقربات والتشمير للجنان والاستعداد ليوم الرحيل،،،

هذا والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه الغر الميامين،،،

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير