إنَّ جميع الخلق لابد أنْ يصدر منهم الذنب والخطأ مهما كانوا في صلاحهم واستقامتهم كما ورد في الحديث: " لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم آخرين يذنبون فيستغفرون، فيغفر الله لهم " أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وفي الحديث الآخر: " كل ابن آدم خطَّاء، وخير الخطَّاءين التوابون ".
أيها الأحبة: إنَّ هناك أقوام قد صدقوا مع ربهم وأقبلوا عليه تائبين، نادمين، مُعترفين، وهؤلاء لهم نصيب من السعادة على قدر صدقهم حيثُ قال الله تعالى: {مِنَ المؤمِنين رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيه فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ ومِنْهُمْ مَن ينتظر ومَا بَدَّلوا تبديلاً}.
إنَّ للتوبة حلاوة ولذة وسعادة لا يشعر بها إلاَّ من ذاقها. . واسألوا التائبين.
حيثُ قال عليه الصلاة والسلام: " التائب من الذنب كمن لا ذنب له ".
ألم يفوزوا بمحبة الله لهم، قال عزَّ وجل: {إنَّ الله يُحِبُّ التوابين}. أليس هذا شرفٌ لهم؟
إنَّ الله يفرحُ بتوبة التائبين. . .
أليس لهذا الفرح الرَّباني ثمرة في قلوب التائبين والتائبات. . .
إنَّ التائب قد ترك كل شيء لا يُرضي الله. . . إنّه يُريدُ بذلك ما عند الله. . وسوف يُعوضه الله خيراً.
قال سبحانه وتعالى: {ومَن يَتَّقِ الله يَجعل لَّه مَخْرجاً * ويرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يحْتَسِب}.
هناك سعادة عند الموت ...
ولكن هذه السعادة خاصة للمؤمن الصالح الذي أفنى حياته في طاعة الله تعالى، فهذا له موعد مع السعادة عند مماته، حيث يقول الله تعالى: {إنَّ الذينَ قالوا ربنا الله ثمَّ استقاموا تتنزَّلُ عليهمُ الملائكة ألاَّ تخافوا ولا تحزنوا وأبشِروا بالجنَّة التي كُنتُم توعدون}.
إنَّ هذه الآية توضح لنا ما هي السعادة التي ينالها أهل الإيمان والإستقامة، وتأمل فيما يلي:
1) تتنزل عليهم الملائكة ألاَّ تخافوا، فهذه أول بشارة أنَّ الملائكة تنزل عليهم عند موتهم وتطمئنهم وتنهاهم عن الخوف.
2) ولا تحزنوا. . أي لا تحزنوا على أي شيء سيفوتكم من هذه الحياة، لأنكم ستجدون عند الله أعظم منه وأحسن.
قال تعالى: {ولَسَوفَ يُعطِيكَ ربُّكَ فترضى} وقال عزَّ وجل: {وللآخرة خيرٌ لَكَ مِنَ الأولى}.
3) وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون. . إنّها البشارة لهم عند الممات. . إنّها البشارة في حضور الموت. .
إنّها البشارة بالجنة، إنّه يرى مقعده من الجنة، فتطير روحه شوقاً إلى ما عند الله. . وفَرَحَاً بما أعدَّه الله.
إنّها السعادة الحقيقية، قال تعالى: {وفِي ذَلك فَليتَنَافَسِ المُتَنَافِسُون}.
عباد الله:
هل سمعتم بقصة ذلك الشاب الذي أُصيب بطلقة مسدس في رأسه، ولمَّا حُمِلَ إلى المستشفى وأراد الطبيب معالجته وإخراج الرصاصة منه، يتفاجأ ذلك الطبيب بتلك الإبتسامة التي ظهرت على وجه ذلك الشاب، وتكون المفاجئة الكُبرى عندما تكلَّم الشاب وقال: ((يا دكتور لا تتعب نفسك، أنا سأموت، إنِّي أرى مقعدي من الجنة. . . أشهد أنَّ لا إله إلاَّ الله. . .)).
السعادة الكُبرى عندما تأخذ كتابك باليمين ...
وتصيح أمام العالمين: {هَآؤُمُ اقْرَءُوا كِتابِيهْ * إنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابيه}.
السعادة عندما تمشي بأقدامك إلى جنة الخُلد. . عندما تنظر إلى قصورك في الجنة. . وترى الأنهار تجري من تحتها. . السعادة الكبرى عندما تدخل قصرك. . وترى الأشجار من ذهب قد أحاطت بذلك القصر.
إي والله. . . تلك هي السعادة. . . عندما يأتيك الخدم يطوفون حولك لكي يخدموك قال تعالى: {ويَطُوفُ عليهِم وِلدَانٌ مُخَلَّدُون}.
السعادة عندما ترى زوجاتك من الحور العين، فإذا بِكَ ترى ذلك الجمال الباهر.
قال سبحانه وتعالى: {كَأنّهُنَّ الياقُوتُ والمَرجَان}، وقال أيضاً: {كأنّهُنَّ بَيضٌ مكْنُون}.
وتكتمل السعادة عندما تسمع النداء من الله: [يا عبادي هل رضيتم؟ فيقولون: وكيف لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحد من خلقك، فيكشف الحجاب عن وجهه، فما أُعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى
الله تعالى].قال عزَّ وجل: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نّاضِرةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرةٌ}.
أحبتي في الله هذه جولة سريعة في أبواب السعادة وأحوالها ووسائلها
فنسأل الله أن يرزقنا السعادة. . .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ً. . .
http://www.denana.com/articles.php?ID=1270