(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(آل عمران102)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)
(الأحزاب 71)
وبعد: ـ أيها الأخوة الأعزاء
قال تعالى:
(لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).
(النساء: 114)
أورد الحافظ أبو يعلى مسنده فإنه قال: عن أنس رضي الله عنه
(قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه فقال عمر: ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟ فقال:
(رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة تبارك وتعالى فقال أحدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من أخي. قال الله تعالى: أعط أخاك مظلمته قال: يا رب لم يبق من حسناتي شيء قال: رب فليحمل عني أوزاري قال: ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء ثم قال: إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس إلى من يتحمل عنهم من أوزارهم فقال الله تعالى للطالب: ارفع بصرك وانظر في الجنان فرفع رأسه فقال: يا رب أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ. لأي نبي هذا؟ لأي صديق هذا؟ لأي شهيد هذا؟ قال: هذا لمن أعطى ثمنه قال: يا رب ومن يملك ثمنه؟ قال: أنت تملكه قال: ماذا يا رب؟ قال: تعفو عن أخيك قال: يا رب فإنى قد عفوت عنه قال الله تعالى: خذ بيد أخيك فادخلا الجنة). ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة).
(الترغيب والترهيب الصفحة و الرقم (3/ 287
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إذَا وَقَفَ الْعِبَادُ لِلْحِسَابِ، جَاءَ قَوْمٌ وَاضِعِي سُيُوفِهِمْ عَلَى رِقَابِهِمْ تَقْطُرُ دَماً، فَازْدَحَمُوا عَلَى بَابِ الْجَنَّةَ، فَقِيلَ: مَنْ هَؤُلاءِ؟ قِيلَ: الشُّهَدَاءُ كَانُوا أَحْيَاءً مَرْزُوقِينَ، ثُمَّ نَادَى مُنَادٍ: لِيَقُمْ مَنْ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فَلْيَدْخُلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ نَادَى الثَّانِيَةِ: لِيَقُمْ مَنْ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فَلْيَدْخُلِ الْجَنَّةَ، قَالَ: وَمَنْ ذَا الَّذِي أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ؟ قَالَ: الْعَافُونَ عَنِ النَّاسِ، ثُمَّ نَادَى الثَّالِثَةَ: لِيَقُمْ مَنْ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ فَلْيَدْخُلِ الْجَنَّةَ، فَقَامَ كَذَا وَكَذَا أَلْفاً، فَدَخَلُوهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) (أخرجه الطبراني بإسناد حسن)
وهذا الحديث يصدقه قول الله تعالى: (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (الشورى40)
وسبَّ رجلٌ الشعبي فقال
الشعبي: إن كنتَ كاذباً فغفر الله لك، وإن كنتَ صادقاً فغفر الله لي
قال الشافعي
ومن يذق الدنيا فإني طعمتها وسيق إلينا عذبها وعذابها
فلم أرها إلا غروراً وباطلاً كمالاح في ظهر الفلاة سرابها
وما هي إلا جيفة مستحيلة عليها كلاب همهن اجتذابها
فإن تجتنبها كنت سلماً لأهلها وإن تجتذبها تنازعتك كلابها
وقال الفضيل بنُ عياض رحمه الله: (إذا أتاك رجلٌ يشكو إليك رجلاً فقل: يا أخي، اعفُ عنه؛ فإنَّ العفو أقرب للتقوى، فإن قال: لا يحتمِل قلبي العفوَ، ولكن أنتصر كما أمرَني الله عزّ وجلّ فقل له: إن كنتَ تحسِن أن تنتَصِر، وإلاّ فارجع إلى بابِ العفو؛ فإنّه باب واسع، فإنه من عفَا وأصلحَ فأجره على الله، وصاحِبُ العفو ينام علَى فراشه باللّيل، وصاحب الانتصار يقلِّب الأمور؛ لأنّ الفُتُوَّة هي العفوُ عن الإخوان)
(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور31)
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العلمين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمد عبده ورسوله
أما بعد
عن أنس رضي الله عنه قال (كان النبي صلى الله عليه وسلم من احسن الناس خلقًا، فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت له والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به صلى الله عليه وسلم، فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك فقال يا أنس أذهبت حيث أمرتك؟ قلت نعم، أنا أذهب يا رسول الله – فذهبت)
(رواه مسلم وأبو داود)
سراقة بن مالك
هو سراقة بن مالك
كان يقيم في قديد (موضع قرب مكة)،وكان قافا (أي خبيراً في تتبع الأثر وإصابة الفراسة) أخرجه أبو سفيان ليتتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلمحينما خرج وصاحبه أبو بكر من مكة إلى المدينة مهاجرين، وقد جعلت قريش مائة ناقة لمنردهما عليهم فاشتد سراقة في طلب النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه حتى دنا منهما قدررمح أو رمحين. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم أكفناه بما شئت، فساختفرسه إلى بطنها في أرض صلدة فوثب عنها وطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنيعفو عنه فعفا عنه، وبشره بأنه سيلبس سواري كسرى وتاجه ثم رجع إلى مكة، وقال لأبيجهل:
أبا حكم والله لو كنت شاهداً --- لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه
علمت ولم تشكك بأن محمداً --- رسول برهان فمن ذا يقاومه
عليك بكف القوم عنه فإنني --- أرى أمره يوماً ستبدومعالمه
أسلم يوم الفتح، وامتد به العمر حتى فتحت بلاد فارس، وجاءت الغنائموفيها جواهر كسرى، فأرسل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إليه وألبسه إياها0
اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى
اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا
وأكرم نزلنا ووسع مدخلنا واغسلنا من خطايانا
بالماء والثلج والبرد
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين
وارفع بفضلك رايتي الحق والدين
وصل اللهم على سيدنا محمد
وأقم الصلاة
¥