وقال تعالى: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) سورة الحج , ولم يقل: فتكون لهم أدمغة يعقلون بها , ولم يقل: ولكن تعمى الأدمغة التي في الرؤوس , كما ترى فقد صرح في آية الحج هذه بأن القلوب هي التي يعقل بها , وما ذاك إلا لأنها محل العقل كما ترى , ثم أكد ذلك تأكيداً لا يترك شبهة ولا لبساً فقال: وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ فتأمل قوله: الَّتِي فِي الصُّدُورِ تفهم ما فيه من التأكيد والإيضاح ومعناه: أن القلوب التي في الصدور هي التي تعمى إذا سلب الله منها نور العقل فلا تميز بعد عماها بين الحق والباطل , ولا بين الحسن والقبيح , ولا بين النافع والضار , وهو صريح بأن الذي يميز به كل ذلك هو العقل ومحله القلب.
وقال تعالى: وْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) سورة الشعراء , ولم يقل: بدماغ سليم.
وقال تعالى: خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ سورة البقرة آية رقم 7 , ولم يقل على أدمغتهم.
وقال تعالى: إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ سورة الكهف آية رقم 57 , ومفهوم مخالفة الآية أنه لو لم يجعل الأكنة على قلوبهم لفقهوه بقلوبهم , وذلك لأنه محل العقل القلب كما ترى , ولم يقل: إنا جعلنا على أدمغتهم أكنة أن يفقهوه.
وقال تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) سورة ق , ولم يقل لمن له دماغ.
وقال تعالى: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سورة البقرة آية رقم 74 , ولم يقل: ثم قست أدمغتكم , وكون القلب إذا قسا لم يطع صاحبه الله وإذا لان أطاع الله , دليل على أن المميز الذي تراد به الطاعة والمعصية محله القلب كما ترى وهو العقل.
وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (22) سورة الزمر.
وقال تعالى: فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) سورة الحديد , ولم يقل: فويل للقاسية أدمغتهم , ولم يقل: فطال عليهم الأمد فقست أدمغتهم.
وقال تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23) سورة الجاثية , ولم يقل: وختم على سمعه ودماغه.
وقال تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ سورة الأنفال آية رقم 24 , ولم يقل: ودماغه.
وقال تعالى: يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ سورة الفتح آية رقم 11 , ولم يقل ما ليس في أدمغتهم.
وقال تعالى: فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (22) سورة النحل , ولم يقل أدمغتهم منكرة.
وقال تعالى: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ سورة سبأ آية رقم 23 , ولم يقل إذا فزع عن أدمغتهم.
وقال تعالى: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24) سورة محمد , ولم يقل أم على أدمغة أقفالها , وانظر ما أصرح آية القتال هذه في أن التدبر وإدراك المعانى إنما هو بالقلب , ولو جعل على القلب قفل لم يحصل الإدراك فتبين أن الدماغ ليس محل الإدراك كما ترى.
وقال تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (5) سورة الصف , ولم يقل أزاغ الله أدمغتهم.
وقال تعالى: الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) سورة الرعد , ولم يقل تطمئن الأدمغة.
¥