والكراهة في هذه الآثار كراهة تنزيه كما ذكر البيهقي، حيث قال بعد روايته لها: وهذه الكراهة على وجه التنزيه تعظيماً للمصحف عن أن يبتذل بالبيع أو يتخذ متجراً.
مناقشة هذه الدلالة:
الوجه الأول: أنها أقوال وأفعال صحابة، وهو مختلف في الاحتجاج بها.كيف وقد عارضت عموم الدلالة على إباحة البيع كما سبق في أدلة أصحاب القول الاول.
الوجه الثاني:يمكن حملها على ما إذا اتخذت للتجارة، أو بطريقة تؤدي إلى إهانته وامتهانه.
القول الثالث: أنه يحرم بيع المصحف للمسلم.
وبهذا قال الإمام أحمد في الرواية المشهورة عنه، وبها أخذ بعض أصحابه.
واستدلوا على ذلك بآثار الصحابة والمعقول:
أولاً: من آثار الصحابة:
ما رواه سالم بن عبد الله، قال: قال ابن عمر: لوددتُ أن الأيدي قطعت في بيع المصاحف أخرجه سعيد بن منصور في سننه (124 - تفسيره) وابن أبي شيبة 4/ 287 والبيهقي 6/ 16.
وجه الاستدلال: يمكن توجيه الاستدلال به بأن ابن عمر ذكر أنه يود قطع اليد في بيع المصاحف. والقطع عقوبة كبيرة لا تكون إلا على فعل محرم، فدل ذلك على حرمة بيع المصاحف.
مناقشة هذا الدليل: يمكن مناقشته بما سبق من مناقشة أدلة أصحاب القول الثاني.
ثانياً: من المعقول:
أن تعظيم المصاحف واجب؛ لأنه كلام الله، وفي بيعه إهانة وابتذال له فيحرم.
مناقشة هذا الدليل: يمكن مناقشته بعدم التسليم بأن في بيع المصحف إهانة له مطلقاً، بل إنما يكون ذلك إذا قُصِدَ به التجارة أو بطريقة تقتضي ذلك.
الترجيح: الذي يظهر رجحانه في هذه المسألة -والله أعلم بالصواب- هو القول الأول القائل بجواز بيع المصحف للمسلم. لقوة ما استدلوا به من عموم الأدلة، لكن لا يجوز أن يقصد ببيعه التجارة، أو يكون بطريقة تقتضي إهانته وابتذاله، لما في ذلك من الإخلال بمنزلته الشريفة.
مراجع للاستزادة:
فقه القرآن وخصائصه للدكتور فرج توفيق الوليد. ط. مطبعة الرشاد ببغداد.
المتحف في أحكام المصحف، للدكتور صالح الرشيد. ط. مؤسسة الريان.
الأحكام الفقهية الخاصة بالقرآن الكريم، للدكتور عبد العزيز الحجيلان. ط. دار ابن الجوزي.
د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري ( http://www.islamtoday.net/questions/expert_question.cfm?id=410)
المشرف العام على شبكة التفسير والدراسات القرآنية
ـ[البشبيشي]ــــــــ[19 - 10 - 10, 08:57 م]ـ
جزاك الله خيرا