لقد أخطأت أنت وغير من العلماء كأبي العباس ابن تيمية في مسائل فقهية من جنس هذه المسائل فهل يقال أن في هذا دليل على اقصائكم لطلابكم عن الدليل؟!
- وإن كنت ترمي إلى ضعيف الأقوال وشاذها فما من فقيه إلا وتجد له خطلا من القول وضعفا في الاختيار وشذوذا في الفتوى
وليس هذا تبريرا للشذوذ ولكن يُأخذ بالمشهور من القول ويترك غريبه وشاذه كما أجمع عليه المتقدمون من علمائنا كما هو مقرر في موضعه
قال:
والمشكلة أن هذه المتون تذهب بالطالب بعيداً عن الآية والحديث ويكدُّ ذهنه في عبارات مغلقة مقفلة من دون طائل، ولماذا نشتغل بعبارات الفقهاء الملغزة الغامضة ونشرحها ونعصر الذهن في فهمها ومعنا كتاب عظيم فيه الهدى والنور مع البيان الشافي والجواب الكافي، ومعنا سنة مطهرة سهلة ميسَّرة
- مجرد دعوى تقدم دفعها وأن هذه المتون لم توضع للاستدلال بل وضعت لغرض تقدم بيانه
- لا يخفى كما تقدم أن من وضع هذه المختصرات إنما وضعها للحفظ لمبتدئي الطلبة وهذه مصلحة ليست بالقليلة في بابها لأن المتفقه لا بد له من أن يحفظ متنا فقهيا في بداية طلبه يجمع له الفروع حتى يبني عليه ما بعده من المسائل والخلاف والأدلة في هذا الفن
وقد سمعت عن بعض المشايخ أظنه الشيخ العثيمين يقول أغلب ما قرأناه نسيناه ولم يبق معنا إلا المختصرات التي حفظناها في الصغر الزاد والبلوغ أو نحو هذا
ولا يقال للمبتدأ في التفقه عليك النظر أو حفظ الأم والمبسوط ونحوها من المطولات لأن هذا يشتته ويفرق عليه المسائل ولا يجمع
وهذه المصلحة لا تنكر
إذا علم ذلك بقي أن ننظر في المفسدة التي ذُكر أنها تترتب على الاختصار وهي التعقيد والعجمة مما أدى إلى كثرة خلاف الشراح في فهم العبارة وتفكيكها ومعرفة مقصود الماتن
ولا شك أن هذه مفسدة في بابها لأن فيها تضييع للوقت في غير الأهم لكن هذه المفسدة ليست محضة بل يشوبها نوع مصلحة ومخارج تخفف منها وهي:
_ تثبيت المعلومة في ذهن الطالب لأن كثرة النظر والتفكير في كلام الشراح والمحشين على السطر الواحد من المتن أو المسألة الواحدة وحل المشكل ودفع الاعتراض يورث ذلك
_ أن كثيرا من مسائل المتون ليست معقدة ويتفق الشراح على تفسيرها
_ أن الطالب ليس ملزما بقراءة أغلب الشروح والحواشي بل يكفيه أن يقرأ أفضل شرحين وأفضل حاشية وغالبا ما يكون فيها التفسير الراجح لكلمات المتن وهذا يخفف من مفسدة دخوله في اختلاف الشراح والمحشين
إذا علم ذلك بقي النظر في تلك المصلحة وهذه المفسدة والترجيح بينهما ولا شك بتقديم المصلحة المحضة على المفسدة غير المحضة المشوبة بمصالح والله أعلم
فإذا كان الأمر كذلك لم يصح ذم هذه المختصرات وإنما يحذر الطالب _بعد حثه على حفظها_ من الإغراق في تتبع كلام الشراح في فك عبارة المتن فقط
تنبيه: هناك بعض المتون لا ينطبق عليها ما ذكر مثل متن أبي شجاع والرسالة للقيرواني وغيرها فهي سلسة عذبة لا فيها تعقيد ولا عجمة والمنهاج للنووي قريب منها والله أعلم
- من أنكر التمذهب وحفظَ متن من متون المذاهب فلا يخلوا إما أن يقول على الطالب أن يذهب إلى الكتاب والسنة مباشرة فيستنبط منها الأحكام
وإما أن يقول بل يذهب إلى شيخ من مشايخه يدرس عليه الفقه
وإما أن يقول بل يدرس في كتب الخلاف العالي ثم يرجح بين الأقوال ليسلم من رق التقليد
وإما أن يقول بل يحفظ متنا من غير متون المذاهب الأربعة كالدرر للشوكاني ونحوه
أما الأول فظلم لأنه وضع الشيء في غير موضعه لأن المبتديء ليس أهلا للاستنباط لأن الاستنباط له شروط
وأما الثاني فهذا الشيخ إما أن يدرسه متنا من متون المذاهب فيكون بيننا وبينكم وفاق
وإما أن يدرسه مذهب نفسه (الراجح عنده) فينشأ الطالب على طريقة وفقه هذا الشيخ وبذلك نكون تركنا فقه الشافعي وأمثاله لفقه هذا الشيخ وشتان ما بينهما
وأما الثالث ففيه مناقضة للمنهجية السليمة في تلقي العلوم وهي منهجية السلف إذ يُبدأ بصغار العلم قبل كباره
ولأن فيه تشتيت لذهن الطالب وسوء تصور للمسائل
وأما الرابع فمن فضل فقه الشوكاني ونحوه على فقه السلف كفقه الأربعة فعلى عقله السلام
فقه إمامه مالك يفضل عليه فقه الشوكاني
فقه خدم أكثر من عشرة قرون يفضل عليه فقه لم يخدم إلا بشرح أو شرحين من عالمين أو ثلاثة
فقه تتابع على خدمته آلاف العلماء فجمع في متن أو متنين على طبق من ذهب يفضل عليه فقه خدم من عالم أو عالمين
قال:
حتى إننا نعرف من الفقهاء من تصدَّر للإفتاء وهو لا يميز بين الحديث الصحيح والضعيف ولا يستحضر الدليل، وإنما يحفظ هذه المتون الفقهية المذهبية
- هذا الخطأ محله في هذا الفقيه لا في المتون ولا في واضعيها كما تقدم في مسألة التعصب
فينبغي ترشيده
- من المحدثين (يعني المشتغلين بهذا العلم) من تصدر للإفتاء وهو لم يتقن بعد مسائل أصول الفقه ومعرفة الأشباه والنظائر وطرق الاستنباط
فهل نقول سبب الخلل هو الكتب الستة وبلوغ المرام؟! لا ولكن الخلل في هذا المحدث
فينبغي ترشيده
- وكلام أهل العلم في مدح المتون والحث علي حفظها ودراستها لا يحصى وهو منثور في بطون الكتب وخاصة ما كان منها يتعلق بآداب الطلب
ومن المعاصرين ينظر كلام الوزير آل الشيخ والخضير وغيرهم وهي معلومة لدى الجميع ومتوفرة على الشبكة وعلى هذا المنتدى
والله أعلم
¥