ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[12 - 11 - 07, 03:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
بارك الله فيكم
ورحم الله الإمام ابن القيم على هذا الكلام النفيس الذي فيه صلاح أمر العبد في دنياه وآخرته ولو ان المرء عمل بهذه الوصايا واستحضر هذه المشاهد لصلح قلبه وأحس باللذة وخف عليه مصابه وقد ذكر ابن القيم _ رحمه الله _ أحد عشر مشهداً وسأذكر أربعة مشاهد أخرى لتكتمل خمسة عشر مشهداً:
المشهد الثاني عشر: مشهد العدل وهو أن يقابل العبد ما أصابه من أذى بعدل وإنصاف فلا يبغي على الخلق ولا يتعدى ولا يظلم، وقد أمر الله بالعدل فقال تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي .. } الآية، و حكم بالقصاص والدية في الجنايات قال تعالى: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم}.
وقال تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين}.
وقال تعالى: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين}.
وقال تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله}
وغير ذلك من النصوص التي تقرر مبدأ العدل فمن قابل الأذى بالعدل فقد وافق الشرع وفعل ما يوافق شرع الله.
ولا شك أن مشهد العفو والصفح أكمل وأفضل إلا أن هذا المشهد مشروع وحقه أن يكون دون مشهد الصفح وقبله في الترتيب، وليعلم ان العدل يقدم أحياناً على العفو حسب ما تقتضيه المصلحة؛ فمن كثر شره وأذيته للخلق وانتهاك حقوقهم وأموالهم واعراضهم فالمصلحة تقتضي إقامة العدل معه لا الصفح ولذلك كانت افعال الله تبارك وتعالى دائرة بين العدل والفضل وفق ما يتصف به عز وجل من كمال العلم والحكمة.
ومما يدخل في ذلك المشهد وهو العدل الدعاء على الظالم إن عظم شره وقد فعله الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وعلى رأسهم نبينا محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
المشهد الثالث عشر: مشهد الولاء والبراء وهو أن يشهد العبد حق الله تبارك وتعالى فيمن آذاه من الخلق وما يستحقه من الولاء للمؤمنين والبراء للكافرين، وهذا هو أساس ما ينبعث عنه من عفو وصفح وعدل، فما يقع في قلب العبد من حب المؤمنين ومودتهم وولايتهم ونصرتهم وحب الخير لهم وهو المنبعث عن حب الله وحب رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كل ذلك يستحضره المرء حينما يقع له الأذى من عباد الله المؤمنين.
المشهد الرابع عشر: مشهد التوبة والاستغفار؛ فإن جل ما يصيب المرء من مصائب حصل بسبب أعماله ولذا يقول الله تبارك وتعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} فيستحضر المرء عند ذلك هذا المشهد فيتوب إلى الله ويستغفره مما صنع ويطلب عفوه وصفحه وتجاوزه عما فعله من ذنوب أو تقصير في حق الله عز وجل.
المشهد الخامس عشر: مشهد التوكل على الله والاستعانة به والالتجاء إليه في دفع الضرر ورفعه والاستعاذة به من كل اذى وشر وفعل الأسباب التي تحميه من الأذى وهذا مشهد نبوي وقد فعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في مكة وفي المدينة تجاه ما يقع له من أذى المشركين و أهل الكتاب، ولذا يقول الله تبارك وتعالى: {قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد} ولما سحر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رقاه جبريل عليه السلام، ويدخل في هذا ما يقع من أذى حسي ومعنوي كالسحر والعين والحسد فكل ذلك يستحضر فيه العبد مشهد التوكل عليه سبحانه ودعاءه والاستعانة به في رفع الضرر والأذى ومن ذلك الرقية والاستعاذة من شر كل حاسد ومن شر كل نفس الله آخذ بناصيتها والاستعاذة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، وأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عامر بن ربيعة أن يغتسل لسهل بن حنيف
¥