قال الشوكاني في النيل (4/ 146): (واعلم أن حديث أبي سيارة وحديث هلال إن كان غير أبي سيارة لا يدل على وجوب الزكاة في العسل لأنهما تطوعا بها، وحمى لهما بدل ما أخذ، وعَقِل عمر العلة فأمر بمثل ذلك، ولو كان سبيله سبيل الصدقات لم يخير في ذلك).
قلت: وقع في سند عبد الرزاق (سفيان بن عبد الله) خلافاً لما عند أبي داود والنسائي، وفي ترجمة سفيان بن عبد الله في التهذيب أنه هو الذي كان عامل عمر على الطائف.
وأبو سيّارة قيل اسمه عميرة بن الأعزل، وقيل عمير بن الأعلم وقيل عمر وقيل عمرو، وقيل الحارث بن مسلم.
(4) - أخرج عبد الرزاق في مصنّفه (برقم 6972): عن عبد الله بن محرّر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن أن يؤخذ من أهل العسل العشور.
وفيه عبد الله ن محرر الجزري القاضي وهو متروك. وأخرجه البيهقي (4/ 126).
ويُعارِض هذا الأثر ما أخرجه أيضاً عبد الرزاق في مصنّفه (برقم 6964): عن الثوري عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس عن معاذ بن جبل: قال سألوه عمّا دون الثلاثين من البقر، وعن العسل، قال: لم أومر فيها بشئ. وأخرجه أيضاً البيهقي (4/ 127).
(5) - أخرج الترمذي في سننه (برقم629) حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري قال حدثنا عمرو بن أبي سلمة التنّيسي عن صدقة بن عبد الله عن موسى بن يسار عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (في العَسَل، في كلِّ عشرة أزقٍّ، زقٌّ).
قال الترمذي: وحديث ابن عمر في إسناده مقال، ولا يصحُّ عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كبير شئ.
أخرج هذا الحديث الترمذي في العلل الكبير (175) وابن عدي في الكامل (4/ 1393) والطبراني في الأوسط (4372) والبيهقي (4/ 126) والبغوي (1581).
وصدقة بن عبد الله ضعيف.
(6) - أخرج أحمد في مسنده (4/ 79): عن صفوان بن عيسى قال أنا الحارث بن عبد الرحمن عن منير بن عبد الله عن أبيه عن سعد بن أبي ذباب قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت قلت: يا رسول الله، اجعل لقومي ما أسلموا عليه من أموالهم، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستعملني عليهم، ثم استعملني أبو بكر رضي الله عنه من بعده ثم استعملني عمر من بعده.
هذا ما ورد في المسند وفيه منير بن عبد الله مجهول الحال، قال الذهبي في الميزان (4/ 193): منير بن عبد الله عن أبيه في زكاة العسل ضعفه الأزدي وفيه جهالة.أ. هـ، وقد انفرد بالرواية عنه الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب وهو مختلف فيه.
والشاهد من هذا الحديث هو ما أخرجه الشافعي (1/ 240) وفي الأم (2/ 33) في تمام هذا الحديث:
عن سعد بن أبي ذباب قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت قلت: يا رسول الله، اجعل لقومي ما أسلموا عليه من أموالهم، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستعملني عليهم، ثم استعملني أبو بكر رضي الله عنه من بعده ثم استعملني عمر من بعده قال: فكلمت قومي في العَسَل، فقلت لهم: فيه زكاة .. فقالوا: كم ترى؟ قلت: العشر، فأخذت منهم العشر ... فقبضه عمر فجعله في صدقات المسلمين.
وسعد قيل في اسمه سعيد كما هو في بعض النسخ الخطية للمسند، وراجع في ذلك أطراف المسند (2/ 431) وتعجيل المنفعة (1/ 571).
خاتمة: لا يثبت حديث فيه دلالة على وجوب الزكاة في العسل كما رأيت إذ لا يخلو حديث أو أثر من مقال، وذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في الزاد (2/ 12 - 17) أنَّ من قال بوجوبها رأى أن هذه الآثار يقوي بعضها بعضاً وقد تعددت مخارجها، واختلفت طرقها، ومرسلها يعضد بمسندها.
قال أبو عبيد في الأموال (506): وأشبه الوجوه في أمره عندي أن يكون أربابه يؤمرون بصدقته ويحثون عليها، ويكره لهم منعها، ولا يؤمن عليهم المأثم في كتمانها من غير أن يكون ذلك فرضاً عليهم كوجوب صدقة الأرض والماشية، وذلك أن السنة لم تصح فيه كما صحت فيهما.
هذا ما تيسر جمعه أسأل الله أن ينفع به، ومن عنده مزيد فلا يبخل علينا، والحمد لله رب العالمين.
أخوكم
أبو إبراهيم
الأربعاء 12/ 11/1423هـ
ـ[عبد الله زقيل]ــــــــ[16 - 01 - 03, 09:15 ص]ـ
جزاك الله حيرا أبا إبراهيم على هذا الجهد الطيب.
¥