تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الإكْثَارُ مِن الشيوْخ ...

ـ[ذو المعالي]ــــــــ[16 - 01 - 03, 04:26 م]ـ

الإكثارُ من الشيوخ

التلقي عن الأشياخ معلوم مقامه و سموه، و معروف مكانه و علوه، و لا يشك عاقل لبيب من المشتغلين بالعلوم أن التلقي عن الأشياخ و مثافنتهم للعلم من أنفع وسائل التحصيل، و هي بالمنفعة تفوقُ البَدْءَ بالمطالعة دون الولوج إلى العلم من طريقهم.

و ذكرَ الإمام الزبيدي _ رحمه الله _ " إتحاف السادة المتقين " 1: 66 - 67 أوْجُهَاً في تفضيل التلقي على غيره فَتُرَاجَع لأهميتها.

و نرمقُ في أعطاف بعض التراجم لمحاتٍ ذات بالٍ من أقوامٍ من أهل العلم فاق أشياخُهم العدَّ حتى أكثروا منهم كثرةً تلفت النظر، و ذلك الإكثار متحتم لوقفةٍ مهمة حوله.

و التلقي عن الأشياخ أنواعٌ ثلاثة:

الأول: مَنْ يقرأ على الشيخ مفاتيح العلوم.

بمعنى: أنه يتأصَّلُ بشيخه و يتخرَّجُ عليه في مفاتيح العلوم و أصولها. و هذه مهمة و أساسٌ في سُلَّمِ الطلب.

الثاني: من يقرأ على شيخه تخرُّجاً عليه في فنٍّ من الفنون.

و المعنى: أنه يلزم شيخَه دراسة عليه سنيَّاً طِوالاً في فنٍّ يُتقِنُه شيخه، و ربما أُسْنِدَتْ إليه الإمامة في ذاك الفن.

و هذا هو المقصود من صنيع السلف بقوله: (لزم شيخه عشرين سنة) و (تخرَّجَ بفلانٍ) و نحوها.

و خطأً فَهْمُ بعضٍ من الفضلاء الأجلة من الملازمة الطويلة للشيخ _ في تحصيل فوائد من مُلَح العلم و طرائفه _ أنها منقبة من المناقب المحمود تواجدها في طالب العلم، و هذا لا يُسَلَّم له به.

و مثله: كينونته يُطيلُ في الشرح لمتن في أزمنة طويلة متحججاً بمثل هذه، و لا يشفع له حسن قصده أن يقول و يفهم ما يفهم.

فعفا الله عنه، و أدام حياته بخير و نفع، و ألزمه الثبات حتى الممات.

الثالث: مَنْ يلزم شيخه تكثُّراً من الفوائد و المُلَحِ العلمية.

و هذا: لا أظن أن هناك داعياً لحضوره مجالس شيخه إذا كان تحصيله إنما هو لفوائد و نُتَفٍ من العلم لا تُعَدُّ من أصول العلم و معاقده.

و لابُدَّ من الإلماعةِ إلى مسألة مهمةٍ و هي التفرقةُ بين (السماع) و (القراءة)، فإن أكثر من يقرأُ في التراجم لا يكادُ يفرق بينهما، فإليكهما:

أما (السماع) فهو جلوس التلميذ عند شيخه لسماع العلم منه، و روايته عنه، و هو فيما إذا كان الشيخ يُمْلي إملاءً، و إملاءُ الشيخ على نوعين:

الأول: إملاءٌ للحديث.

الثاني: إملاءٌ للعلم، و هو صورتان:

الأولى: إملاءٌ عام، و أعني به: كل ما يلقيه الشيخ.

الثانية: إملاءٌ لِعُقَدِ العلم و عيونه و أصوله. و هذا الذي تَحْفِلُ النفس بحيازته و نواله.

و أما (القراءة) فهي ثَنْيُ الرُّكَب عند الشيخ لأخذ العلم منه، و تلقي أصوله منه، و هذا هو المحمود من الملازمة للشيوخ.

و يكون فيها نوالُ فِقْهِ الشيخ، و تحصيل نُتَفٍ من نفيس الفوائد.

و أما الأولى فلا يُسْعى إليها إلا لأحد أمرين:

الأول: تحصيل أسانيدَ متعددة لحديثٍ، و جمعُ طُرُقٍ لمتنٍ، و هذا انتهى شأنه بانتهاء عصر الرواية، و قبل التدوين.

الثاني: حَوْزُ إجازاتٍ من أشياخ نالوا علواً في إسناد، و هذه منقبة و مفخرةٌ يُسْعى إليها، لكن مع عدم الإضرار بالأساس وهو تحصيل أصل العلم و عينه.

هذه خاطرةٌ نافعة حول مسألة: الإكثار من الشيوخ، و لفتُ نظر إليها بعين تمحيصٍ، و الله الموفق للخير، و المُسدد و الهادي للرشاد.

قَيَّدَه

ذو المعالي

الثلاثاء 4/ 11/1423هـ

ـ[هيثم حمدان.]ــــــــ[16 - 01 - 03, 08:27 م]ـ

أحسن الله إليك أخي ذا المعالي وبارك فيك.

ـ[يحيى العدل]ــــــــ[17 - 01 - 03, 12:02 ص]ـ

أهلاً بأوبة الأخ العزيز ذي المعالي .. وأهنيه على هذه المشاركات المحررة والمؤصلة .. والطريفة أحيانًا .. !!

محبك/ يحيى (العدل).

ـ[ذو المعالي]ــــــــ[17 - 01 - 03, 02:42 ص]ـ

أشكرُ الأخ الكريم، و الخِلَّ الحميم: هيثم حمدان على إطلالته المباركة.

أما ريحانة المنتدى، و صفي الروح الشيخ الجليل: يحي العدل، فلك مني الثناء العاطر على إطلالتك النفيسة، و تعليقتك الأريبة.

و هي تاجٌ أُتوِّجُ به رأسي، و أحلي به كلماتي.

ـ[أبو مصعب الجهني]ــــــــ[17 - 01 - 03, 03:08 ص]ـ

حياك الله أخي ... وحمدا لله على سلامتك

ذكر بعض العلماء أن طالب العلم _ لا سيما في هذه الأزمان إذا ضبط مصطلحات العلوم

وعرف اصطلاح العلماء في الفن الذي يرومه فإن انقطاعه عن الشيخ ودراسته مع نفسه

أولى له، وقد نظمها أحد العلماء فقال

قد ذكر الرهوني أنّ من عرف ... للاصطلاح في دوواين السلف

أولى له تعلمٌ من الكتب ... ممن له العلم بذا الدهر نُسب

بل إن الرهوني نفسه _ رحمه الله _ قد ذكر في حاشيته على شرح مختصر خليل

قوله:

إذا لم يكن في مجلس الدرس نكتةٌ ... بتقرير إيضاح لمشكل صورة

وعزو غريب النقل أو حلّ مقفل ... أو اشكالٍ ابدته نتيجة فكرة

فدع سعيه وانظر لنفسك واجتهد ... ولا تتركن فالترك أقبح خلة

ولا شكّ أن طالب العلم لا يريد من شيخه إلا معرفة هذه الاصطلاحات فقط

ثم ينقطع بعد ذلك للتعلم، لأن الشيخ لن يعطيك كل العلوم إنما يرشدك

إلى أقصر الطرق لنيلها

ولهذا نجد أن فن (التفسير) مثلاً لا يدرسه إلا القليل، والغالب أن الطالب

يدرسه مع نفسه

ثم تبقى فائدة التعلم من سمت الشيخ وهديه ووقاره، فهذه لن يحرم

الحريص نفسه منها

وكذلك أجر حلق الذكر

أجزل الله لك المثوبة والأجر، ويسّر لك الأمر

وأرجو أن لا تحرمنا من طيب قولك، وحسن تعليقك

والسلام عليكم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير