تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن القرآن الكريم ليس آيات تهتز لها الرؤوس، وتتمايل بها العمائم، ويطرب لها الدراويش في الموالد والمآتم والاحتفالات، وليس آيات تُهَذُ هَذّ الشعر، أو تنثر نثر الدقل، بل هو آيات بينات تتنزل على قلوب المؤمنين فتغمرها بالسكينة والطمأنينة، وتملؤها بالثقة والثبات. وتدبرُ آيات الله (عز وجل) ومعرفة مقاصدها ومراميها، والوقوف عند عظاتها وعبرها، والتفكر في معانيها وفقهها وأسرارها: نعمة عظيمة من أجل النعم التي يوفق إليها العبد المسلم. قال الله (تعالى):-} إنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَذِينَ إذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ {[16]، ولهذا وصف أبو عبد الرحمن السلمي الصحابة (رضي الله عنهم) بقوله: (حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن، كعثمان بن عفان و عبد الله بن مسعود وغيرهما، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر آيات، لم يجاوزوها حتى يتعلموا مافيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً) [17] وقال عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما): (لأن أقرأ البقرة في ليلة فأَدّبّرها وأرتلها، أحب إلي من أن أقرأ القرآن أجمعَ هذرمة) [18].

وإذا طغى الران على القلب، وانتكس الإنسان بعبثه ولهوه حجبه الله (تعالى) عن نور القرآن، وحال بينه وبين الهدى والحق، قال الله (تعالى):} أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا {[19]، وقال الله (تعالى):} وإذَا قَرَاًتَ القُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً (45) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي القُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً)) [20] وتوعد الله (تعالى) المعرضين عن كتابه العزيز بقوله (عز وجل):} أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ {[21].

وأما أهل الإيمان فقد وصفهم الله بقوله) تعالى):} وبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (105) وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً (106) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إنَّ الَذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مِن قَبْلِهِ إذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً [22][23]

وذلك يستلزم منا معايشة القرآن عن طريق حفظه وتفسيره والعمل به والعمل علي تحكيم شريعته،فينبغي علينا أن ندوام ـالإقبال على القرآن وتفهمه وتدبره واستخراج كنوزه وآثار دفائنه، وصرف العناية إليه، والعكوف بالهمة عليه؛ فإنه الكفيل بمصالح العباد، في المعاش والمعاد، والموصل لهم إلى سبيل الرشاد، فالقرآن هو البيئة الصالحة لإنبات أنضر النبات .. نبات الإيمان، وإخراج أطيب الثمار .. ثمار العمل والوعي والجهاد [24].

ومدرسة القرآن هي السبيل الأوحد إلى تربية الجيل المسلم، وإحياء الأمة الفاضلة.

اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين يعظمونه حق التعظيم، فيؤمنون بمتشابهه، ويعملون بمحكمه ويحلون حلاله، ويحرمون حرامه، ويحكمونه في جميع أمورهم ..

ثانياً:-مدراسة آثار التعبد بأسماء الله وصفاته

عايشت فترة من عمري وأنا استمع وأتعلم من دروس الأسماء والصفات التي كان يلقيها الشيخ فوزي السعيد حفظه الله فكان لهذا الأمر أثر نفسي قوياً معي وكانت بعون الله هذه الدروس سبباً في ثبات الكثير بفضل الله وحوله، ولذلك كان تعلم "آثار الأسماء والصفات وأثرها علي حركة الفئة التي تعمل لنصرة الدين أمر في غاية الأهمية،وأنا في هذا المقام سأقوم بنقل مختصر لمبحث أحسبه رائع عن "آثار التعبد بأسماء الله وصفاته"للشيخ محمد بن عبد الله الزغيبي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير