تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و قد جاء أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم أكرم عجوزا أدخلت عليه فقيل له في ذلك، فقال:"إنها كانت تأتينا أيام خديجة، و إنّ حسن العهد من الإيمان" (صححه الحاكم و الذهبي و حسنه الألباني في الضعيفة)

- و من الوفاء للأخ مراعاة جميع أصدقائه و أقاربه و المتعلقين به

-و من الوفاء: أن لا يتغيّر حاله مع أخيه، و إن ارتفع شأنه واتّسعت ولايته و عظم جاهه

قال بعضهم:

إنّ الكرام إذا ما أيسروا ذكروا ... من كان يألفهم في المنزل الخشن

و أوصى بعض السلف ابنه فقال له: يا بنيّ لا تصحب من الناس، إلا من إذا افتقرت إليه قرب منك، و إذا استغنيت عنه لم يطمع فيك، و إن علت مرتبته لم يرتفع عليك و مهما انقطع الوفاء بدوام المحبة، شمت به الشيطان، فإنه لا يحسد متعاونين على بر،كما يحسد متواخيين في الله و متحابين فيه، فإنه يجهد نفسه لإفساد ما بينهما، قال تعالى:" و قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إنّ الشيطان ينزغ بينهم " (الإسراء 53)

قال بعضهم: ما تواخى اثنان في الله فتفرّق بينهما، إلا بذنب يرتكبه أحدهما

و كان بشر يقول: إذا قصر العبد في طاعة الله، سلبه الله من يؤنسه، و ذلك لأنّ الإخوان مسلاة الهموم و عون على الدين

و لذلك قال ابن المبارك: ألذّ الأشياء مجالسة الإخوان، و الانقلاب إلى كفاية

و من آثار الصدق و الإخلاص و تمام الوفاء، أن تكون شديد الجزع من المفارقة، نفور الطبع عن أسبابها، كما قيل:

وجدت مصيبات الزمان جميعها ... سوى فرقةِ الأحبابِ هيّنةَ الخَطْب

و أنشد ابن عُيينة هذا البيت و قال: لقد عهدت أقواما فارقتهم منذ ثلاثين سنة، ما يخيّل إليّ أن حسرتهم ذهبت من قلبي

- و من الوفاء أن لا يسمع بلاغات عن صديقه

- و من الوفاء أن لا يصادق عدو صديقه: قال الشافعي رحمه الله: إذا أطاع صديقك عدوك، فقد اشتركا في عداوتك

2) حسن الظنّ:

و من حقوق الأخوة حسن الظنّ بأخيه:

قال الله تعالى"يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظنّ فإنّ بعد الظنّ إثم" (الحجرات 12)

و قال النبي صلى الله عليه و سلم: "إياكم و الظنّ فإنّ الظنّ أكذب الحديث " (رواه الشيخان)، و إذا كان هذا مطلوب في المسلمين عامة، فيتأكّد ذلك بين المتآخين في الله عزّ و جلّ و من مناقب الإمام الشافعي ما قاله أحد تلامذته عنه الربيع بن سليمان قال: " دخلت على الشافعي و هو مريض فقلت له:قوى الله ضعفك، فقال: لو قوى ضعفي قتلني، فقلت: والله ما أردت إلا الخير، قال: أعلم أنك لو شتمتني لم ترد إلا الخير "

فينبغي أن يحمل كلام الإخوان على أحسن معانيه، و أن لا يظن بالإخوان إلا خيرا، فإن سوء الظن غيبة القلب

3) التواضع:

و من حقوق الأخوة القلبية أن يتواضع لإخوانه، و يسيء الظن بنفسه فإذا رآهم خيرا من نفسه يكون هو خيرا منهم

قال أبو معاوية الأسود: إخواني كلهم خير مني، قيل و كيف ذلك؟ قال: كلهم يرى لي الفضل عليه، و من فضلني على نفسه فهو خير مني

و مهما رأى الفضل لنفسه فقد احتقر أخاه، و هذا في عموم المسلمين مذموم، قال صلى الله عليه و سلم: " بحسب امرئ من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم " (رواه الشيخان)


لطائف و نوادر في المحبة و الإخاء

... ليس من الوفاء ...
ليس من الوفاء موافقة الأخ فيما يخالف الحق في أمر يتعلق بالدين، بل من الوفاء له المخالفة، كان الشافعي رحمه الله آخى محمد بن الحكم، و كان يقرّبه و يقبل عليه و يقول: ما يقيمني بمصر غيره، فاعتلّ محمد فعاده الشافعي فقال:
مرض الحبيب فعدته ... فمرضت من حذري عليه
و أتى الحبيب يعودني ... فبرئت من نظري إليه

وظنّ الناس لصدق مودّتهما أنه يفوّض أمر حلقته إليه بعد وفاته، فقيل للشافعي في علته التي مات منها إلى من نجلس بعدك يا أبا عبد الله، فاستشرف له محمد بن الحكم وهو عند رأسه ليومئ إليه، فقال الشافعي: سبحان الله أيشكّ في هذا؟ أبويعقوب البويطي، فانكسر لها محمد، ومال أصحابه إلى البويطي مع أنّ محمدا كان قد حمل عنه مذهبه كله، لكن كان البويطي أفضل وأقرب إلى الزهد والورع، فنصح الشافعي لله وللمسلمين، وترك المداهنة، ولم يؤثر رضا الخلق على رضا الله تعالى، و المقصود أنّ الوفاء بالمحبة من تمامها النصح لله
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير