أولا: ما مر معنا من تفسير العلماء للآية الأخيرة من سورة الفتح، من قوله {محمد رسول الله والذين معه} إلى قوله {ليغيظ بهم الكفار} استنبط الإمام مالك رحمه الله من هذه الآية كفر من يبغضون الصحابة، لان الصحابة يغيظونهم، ومن غاظه الصحابة فهو كافر، ووافقه الشافعي وغيره. (الصواعق المحرقة ص317، وتفسير ابن كثير 4/ 204).
ثانيا: ما سبق ذكره من حديث أنس عند الشيخين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الانصار))، وفي رواية: ((لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق)).
ولمسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم:)) لا يبغض الأنصار رجل آمن بالله واليوم الآخر))، فمن سبهم فقد زاد على بغضهم، فيجب أن يكون منافقا لا يؤمن بالله ولا اليوم الآخر. (الصارم المسلولص581).
ثالثا: ما ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، انه ضرب بالدرة من فضله على أبي بكر، ثم قال عمر: ((أبو بكر كان خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في كذا وكذا))، ثم قال عمر: ((من قال غير هذا أقمنا عليه ما نقيم على المفتري)). (فضائل الصحابة للإمام أحمد 1/ 300، وصححه ابن تيمية في الصارم ص585).
وكذلك قال أمير المؤمنين علي بن ابي طالب: ((لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري)). (فضائل الصحابة 1/ 83، والسنة لابن ابي عاصم 2/ 575 عن طريق الحكم بن جحل وسنده ضعيف لضعف أبي عبيدة بن الحكم، انظر فضائل الصحابة 1/ 83، لكن له شواهد أحدهما من طريق علقمة عن علي عند ابن ابي عاصم في السنة 2/ 48، حسن الالباني إسناده، والأخر عن سويد بن غفلة عن علي عند الالكائي 7/ 1295).
فإذا كان الخليفتان الراشدان عمر وعلي رضي الله عنهما يجلدان حد المفتري من يفضل عليا على أبي بكر وعمر، أو يفضل عمرا على أبي بكر، مع ان مجرد التفضيل ليس فيه سب ولا عيب، علم عقوبة السب عندهما فوق هذا بكثير. (الصارم المسلول ص 586).
الفهرس ( http://arabic.islamicweb.com/shia/belief_sahaba.htm#index)
من سب بعضهم سبا يطعن في دينهم
كأن يتهمهم بالكفر أو الفسق، وكان ممن تواترت النصوص بفضله. (بعض العلماء يقيد ذلك بالخلفاء، والبعض يقتصر على الشيخين، ومن العلماء من يفرق باعتبار تواتر النصوص بفضله او عدم تواترها، ولعله الأقرب والله اعلم، وكذلك بعض من يكفر ساب الخلفاء يقصر ذلك على رميهم بالكفر، والآخرون يعممون بكل سب فيه طعن في الدين):
فذلك كفر على الصحيح، لأن في هذا تكذيبا لامر متواتر.
روى ابو محمد بن ابي زيد عن سحنون، قال: ((من قال في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أنهم كانوا على ضلال وكفر، قتل، ومن شتم غيرهم من الصحابة بمثل ذلك نكل النكال الشديد)). (الشفا للقاضي عياض 2/ 1109).
وقال هشام بن عمار: ((سمعت مالكا يقول: من سب ابا بكر وعمر، قتل، ومن سب عائشة رضي الله عنها، قتل، لأن الله تعالى يقول فيها: {يعظكم الله أن تعودوا لمثله ابدا إن كنتم مؤمنين} فمن رماها فقد خالف القرآن، ومن خالف القرآن قتل)). (الصواعق المحرقة ص384).
أما قول مالك رحمه الله في الرواية الأخرى: ((ومن سب أبا بكر، جلد، ومن سب عائشة، قتل. قيل له: لم؟. قال: من رماها فقد خالف القرآن)).
فالظاهر - والله اعلم - أن مقصود مالك رحمه الله هنا في سب أبي بكر رضي الله عنه فيما هو دون الكفر، ويوضحه بقية كلامه عن عائشة رضي اللع عنها، حيث قال: ((من رماها فقد خالف القرآن)) فهذا سب مخصوص يكفر صاحبه - ولا يشمل كل سب - وذلك لأنه ورد عن مالك القول بالقتل فيمن كفر من هو دون أبي بكر. (الشفا 2/ 1109).
قال الهيثمي مشيرا إلى ما يقارب ذلك عند كلامه عن حكم سب أبي بكر: ((فيتلخص ان سب أبي بكر كفر عند الحنفية، وعلى أحد الوجهين عند الشافعية، ومشهور مذهب مالك أنه يجب به الجلد، فليس بكفر. نعم قد يخرج عنه ما مر عنه في الخوارج أنه كفر، فتكون المسألة عنده على حالين: إن اقتصر على السب من غير تكفير لم يكفره وإلا كفره)). (الصواعق 386).
¥