تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو مصعب الجهني]ــــــــ[17 - 01 - 03, 02:47 م]ـ

سؤال:

بعض الشباب _ هداهم الله _ من مستمعي الغناء

إذا مرّ بمقبرة خفض صوت الغناء من مسجله احتراما لما يمرّ به

وبعضهم (يعتقد أن الموتى يسمعون الغناء فيأثمون!!!)

والقسم الآخر

يقول: لا نقفلها فإذا لم نخف الله في غير هذا المكان فلماذا نقفلها

فيه

ما رأيك شيخنا؟

هلا فصَلت بين الطائفتين.

ـ[حارث همام]ــــــــ[03 - 08 - 05, 11:00 ص]ـ

الأخ الكريم أبو مصعب أما خفض الصوت فجيد حسن، وأما الاعتقاد الذي قارنه فلا وليس بمنكر.

وبخصوص ما أورد ه الشيخ الكريم أبوخالد حفظه الله فقد استدل جماعة به على أن الإمام أحمد رجع عن القول بأن القراءة في المقبرة بدعة، وعلى رأسهم الخلال حتى حكاه قولاً واحداً عن أحمد، وقد نقل كلامه ابن قدامة في المغني ومال إليه، وأيده المرداوي في الإنصاف.

وأما ما يحكى عن رجوع الإمام فكما أشار الشيخ أبو خالد مبناه على الرواية التي نقلها صاحب المغني ونحوها قال: "فروى جماعة أن أحمد نهى ضريرا أن يقرأ عند القبر , وقال له: إن القراءة عند القبر بدعة. فقال له محمد بن قدامة الجوهري: يا أبا عبد الله: ما تقول في مبشر الحلبي؟ قال: ثقة. قال: فأخبرني مبشر , عن أبيه , أنه أوصى إذا دفن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها , وقال: سمعت ابن عمر يوصي بذلك. قال أحمد بن حنبل: فارجع فقل للرجل يقرأ".

وهذا السند غلط في المطبوع وصوابه فأخبرني مبشر عن عبدالرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه بنحوه. وهو كذلك في طبقات الحنابلة لأبي يعلى وفي المقصد الأرشد وغيرهما.

وأصل الأثر عن الإمام يرويه عثمان بن أحمد الموصلي عن محمد بن قدامة الجوهري.

وعثمان هذا لم أقف له على ترجمة تبين حاله والأقرب أنه مجهول. ولايطعن هذا في أصل الأثر عن ابن عمر ولكن في أصل القصة عن أحمد والسبب هو قوال ابن قدامة في المغني أن الأثر رواه جماعة.

ولعله عنى منهم: يحيى بن معين فقد رواه عن مبشر بن إسماعيل كما في تهذيب الكمال عند ترجمة العلاء بن اللجلاج ورواه البيهقي أيضاً من طريقه في السنن الكبرى، ورواه عن مبشر أيضاً علي بن بحر القطان الثقة النبيل.

أما محمد بن قدامة الجوهري صاحب الإمام أحمد فأخشى أن يكون أبو جعفر اللؤلؤي فله أحاديث تشبه هذا في بعض الفضائل كما أنهم ذكروه فيمن يروي عن مبشر الحلبي وهو من طبقة شيوخه فإن كان هو هو فلا يحتج به، وليست الآفة في خبر ابن عمر منه لرواية ابن معين التي مضت الإشارة إليها، ولكن فيما نقل عن الإمام.

أما أصل الأثر عن ابن عمر فلعل الآفة فيه من عبدالرحمن بن العلاء بن اللجلاج فهو مجهول وحسبك أن أبا زرعة لم يعرفه إلاّ من حديث الترمذي له عن أبيه، وقد حكم ابن حجر بأنه مقبول فلايحتج به إلاّ إن توبع، ولم يتابعه في هذا أحد، والله أعلم.

وعليه فإن القول برجوع الإمام أحمد عن قوله بمثل هذا محل نظر، لأمور:

أولها لأن الخبر عن ابن عمر لا يثبت ومثل جهالة عبدالرحمن بن العلاء لا تخفى على مثل الإمام أحمد.

وثانيها لأن الراوي لخبر روجوع الإمام أحمد -لا أصل الخبر عن ابن عمر- هو محمد بن قدامة الجوهري اللؤلؤي وهو ضعيف لا يحتج به، والراوي عن الجوهري وهو عثمان بن أحمد الموصلي وحاله أقرب للجهالة.

وثالثها لأن هذا يخالف المحفوظ المنقول عن الإمام من نهيه عن الفعل. قال أبو داود في مسائله: سمعت أحمد سئل عن القراءة عند القبر، فقال: لا.

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن القول بأن هذا الفعل بدعة هو الذي نقله عن الإمام الجماعة، وهو قول جمهور السلف، وعليها قدماء أصحابه.

وبعد هذا كله يقال لو صح أثر ابن عمر عنه فإن في إثبات قراءة القرآن في المقبرة به نظر، لأنه قد نقل عن ابن عمر في وصيته أن يدفن خارج الحرم ذكر ذلك الذهبي في تاريخ الإسلام، وخارج الحرم لايشترط أن يكون مقبرة قائمة، ولو استدل به مستدل على جواز القراءة على الميت عورض بأنه لم ينقل أمر بالقراءة عن غيره من الصحابة مع نقل وصاياهم عند دفنهم وأمرهم بالدعاء والوقوف، اللهم إلاّ إن قيل مراده قراءة يهدى ثوابها فالخلاف في هذه معروف وهذا المراد فيه بعد هنا. والله أعلم.

ـ[حارث همام]ــــــــ[06 - 08 - 05, 06:22 م]ـ

وأما الأثر الآخر المنسوب للإمام أحمد فذكره ابن قدامة كما تفضلتم قال رحمه الله في المغني: ولا بأس بالقراءة عند القبر، وقد روي عن أحمد أنه قال: إذا دخلتم المقابر اقرءوا آية الكرسي وثلاث مرات قل هو الله أحد، ثم قل: اللهم إن فضله لأهل المقابر.

هذا الأثر رواه العلامة الثقة أبوبكر عبدالعزيز بن جعفر إمام الحنابلة المعروف بغلام الخلال (285 - 363) -ووارث علم أبي بكر الخلال- في كتابه الشافي، قال قال محمد بن أحمد المروروذي سمعت أحمد بن حنبل يقول وذكره.

وهذا الرجل أعني المروروذي يذكر في أصحاب أحمد وقد وثقه أبوبكر الخلال وذكر أبو يعلى وغيره أن الخلال ذكره بجميل.

ولعل توثيق الخلال له لايعول عليه كثيراً فقد صدر عن واسطة ثقة عنده مجهول لغيره! فقد قال كما عند أبي يعلى في طبقات الحنابلة: روى عن أبي عبدالله مسائل لم تقع إلى غيره. [وهذا كفيل وحده عند الباحثين بوضع علامات استفهام فكيف لم تقع لغيره وهو ليس من متقدمي أو مشاهير أصحاب أحمد وملازميه]، ثم قال الخلال: ثقة من أهل مرو الروذ سمعت عنه من بطل ثقة من أهل أصبهان وذكروه بجميل.

فمثل هذا التوثيق المبني على توثيق مجهول محل نظر. فكيف وقد تكلم ابن عدي في محمد بن أحمد المروروذي هذا وقال: "يضع الحديث ويلزق أحاديث قوم لم يرهم على قوم ليست عندهم، سمعت أبا عروبة يقول: لم أر في الكذابين أصفق وجهاً منه! " ولعل الخلال –كغيره- يتساهل في توثيق من لم يعلم فيه جرحاً، فقد وجدته يوثق رجالاً لم يوثقهم غيره.

والخلاصة لايظهر مما سبق صحة نسبة القول بتلك الفعلة بتلك الصفة المروية هنا إلى الإمام أحمد؟ وهي إلى أعمال المحدثين أقرب، ولئن فعلها الإمام فما ثبتت بها حجة، ومن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد، غير أن العذر لأهل الفضل ملتمس، والله أعلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير