وليس هذا مرادي هنا، وإنما مرادي المصحف نفسه الذي بأيدينا، هل يجوز أن أكتب مصحفا على قراءة ابن مسعود أو غيره من الصحابة؟
إن قلت نعم يجوز، خالفت المقطوع به من دين الإسلام.
وإن قلت لا، ثبت المطلوب، وهو صحة الإجماع بعد خلاف.
يهمني جوابك عن هذه المسألة تحديدا دون باقي الكلام.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[29 - 11 - 07, 01:34 ص]ـ
وأحب أن أبين مسألة مهمة يخطئ فيها كثير من الناس:
فقد اتفقت كلمة أهل العلم على أن هذا الدين محفوظ بحفظ الله له، كما قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}.
ولكن غاب عن كثيرين معنى هذا الحفظ، فهل المقصود بحفظ الدين حفظ حروفه ورسومه وألفاظه فقط؟
أو المقصود حفظ معاني هذه النصوص، وليس فقط الألفاظ.
إن من يقول: إن المحفوظ هو فقط الألفاظ من أبعد ما يكون عن الحق؛
لأنه لا يعجز أحد أن يقول: أنا أؤمن بالصلاة، ولكن معناها أن أجعل قلبي موصولا بذكر الله، وأؤمن بالحج، ولكن معناه أن أقصد الله عز وجل بقلبي في الذكر، وأؤمن بالزكاة، ولكن معناها تزكية النفوس من الآفات، وأؤمن بالصيام، ولكن معناه صون اللسان عما يغضب الله!!!
إلى آخر هذه التأويلات الباطنية الباطلة للنصوص.
فمثل هذه الفهوم للنصوص لا يعجز عنها أحد في أعظم النصوص بيانا ووضوحا.
وهذا هو الباب الذي مرق منه من مرق من الفرق الضالة، كالباطنية والرافضة وغيرهم.
ولا فرق بين هذه الفهوم، وبين من يدعي الاجتهاد فيفهم النصوص على خلاف الإجماع إلا فقط في مقدار النفرة من القول، ولكنها جميعا من بابة واحدة.
فإن المحفوظ هو شرع الله عز وجل لفظا ومعنى، فأما اللفظ فذلك كتاب الله عز وجل، وأما السنة فأكثرها منقول بالمعنى، فإن جاء من يزعم أن الأمة جميعها أخطأت في فهم نصوص الشرع، ومع هذا يقبل رواية الحديث بالمعنى، فقد أبعد النجعة وخالف نفسه!!
لأن خطأ هذا الراوي الواحد في فهم الحديث الذي نقله بالمعنى ليس أقل بعدًا في عقل جميع العقلاء من خطأ جميع الأمة في فهم نصوص الشرع.
فإذا كنت تقبل الحديث المروي بالسند الصحيح وأنت تجوز أنه منقول بالمعنى، فكيف تثق في أن هذا الراوي قد نقل المعنى الصحيح، ثم تتهم الأمة جميعها بأنها ما فهمت المراد من هذا النص؟!
ومعذرة من الاستطراد خارج الموضوع.
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[29 - 11 - 07, 06:17 ص]ـ
كتبت ردا ليلة البارح فذهب أدراج الرياح، لعل المنتدى يعاني من مشاكل فنية.
عموما أخي أبامالك، هناك أكثر من نقطة حواها تعقيبك:
أولا: تقول: أما إذا كان الجماهير على قول أو على بعض الأقوال، وانفرد بعض الناس بقول لم يبلغ الباقين فلا ينطبق عليه هذا الكلام.
فتأمل هذا جيدا يظهر لك الفرق.
وأقول: لا فرق بينهما، فالعبرة ليس بمعرفة أصحاب القول الآخر، وإنما بالإجتهاد ما دام أهلا له، ولم يخالف نصا أو إجماعا، وليعلم أن كلامي عمن هو أهل لذلك وهو من كان من سلف الأمة، فلست بكلامي هذا فاتحا لأنصاف المتعلمين أو شذاذ الظاهرية الباب لمخالفة الأئمة وابتداع الأقوال التي لم يسبقوا إليها، فهؤلاء هم من أردتهم بنقلي عبارة الإمام أحمد: إياك أن تقول بمسألة ليس لك فيها إمام.
ثانيا: على وفق ما بينته في ذيل النقطة الأولى يتضح لك فهمي للشذوذ أكثر من ذي قبل، فلا يُفهم من كلامي عذر من أتى بعد الأئمة العلماء من سلف الأمة فخالفهم بحجة فهمه للنص، فهذا مما لا أعتقده، فالضابط الذي أراه في الشذود، مخالفة نص أو إجماع أو قياس –على تفصيل-، أو اعتقاد أمر لم يذهب إليه سابق، فلست بذلك أفتح الباب لمن أراد مخالفة الأئمة بحجة الإجتهاد.
ثالثا: أما مصحف عثمان وخلاف ابن مسعود –رضي الله عنهما- فلا يصلح مثالا لنقض مذهبي، فالخلاف هنا ليس من الخلاف المستقر، وشرطي في الخلاف الذي لا يزيله إجماع هو الإستقرار، فعبدالله بن مسعود قد تراجع عن ذلك كما صح عنه في سنن سعيد بن منصور عن الأعمش عن أبي وائل عنه – رضي الله عنه -: إني قد سمعت القرَأَةَ، فوجدتهم متقاربين، فاقرؤوا كما علمتم، وإياكم والاختلاف والتنطع، فإنما هو كقول أحدكم: هلمَّ وتعال.
ولا أدري ما وجه مخالفتي للمقطوع من أمر الإسلام ما دام أني قد بينت لك اعتقادي في المصحف، وأنه كلام الله تعالى لم يغفل شيئا منه، ولم يحو شيئا من غيره، وأنه أحد الحروف السبعة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن قد أنزل عليها ..
والله تعالى أعلم
ـ[أبو نهاد]ــــــــ[03 - 12 - 07, 12:01 م]ـ
شكرا لجميع الاخوة على المشاركة في الموضوع المطروح
الأخ أمجد الفلسطيني بارك الله فيك
ثمت مداخلة في كلامك. وبالتحديد في تعليقك على كلام الإمام إسحاق.
وهذا نص ما نقلته عن الإمام إسحاق، قال إسحاق بن راهويه: إذا اجتمع الثوري والاوزاعي ومالك على أمر فهو سنة.
ثم قلتَ
قلت: بل السنة ما سنه النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدون من بعده.
أٌقول: هذا الكلام في الرد على الإمام لا معنى له وذلك -يا أخي - هل تتوقع أن الإمام إسحاق بن راهويه وهو من هو في العلم يخفى عليه أن السنة ما سنه النبي صلى الله عليه وسلم وما سنه خلفائه الراشدون؟ الجواب، كلا
ومراد الإمام رحمه الله تعالى على حسب فهمي القاصر هو في فهم السنة، بمعنى أنه إذا وصل إلينا حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم مما تختلف فيه الأفهام ومع هذا اجتمع في فهمه ثلاثة من الأئمة الكبار فهو السنة. فأرجو أن نفهم كلام الأئمة حسب مرادهم لا حسب فهمنا ومرادنا
ثم إني أرى كثيرا من طلبة العلم حتى المشايخ يعارضون كلام الأئمة لا بكلام الأئمة الأخرين بل بآرائهم وفهومهم وأرى هذا والله أعلم خلاف اتباع سبيل المؤمنين.
مسائل الدين قسمان:
مسائل قديمة
ومسائل حديثة
المسائل القديمة نرجع فيه إلى أقوال الأئمة ولا نخرج عنها ولا نحدث قولا جديدا
المسائل الحديثة نرجع فيها إلى العلماء المعاصرين
وبهذا الضابط ينضبط كثيرا من المسائل التي كثر الكلام حولها.
¥