تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نوع من الموالاة والمعاداة غير المشروعين من جنس اخلاق الجاهلية كأخلاق الأوس والخزرج فى الجاهلية وأخلاق _ كذا في الأصل _ ثم يخرج من ذلك إلى العطاء والمنع فيبذل ماله على ذلك عطية ودفعا وغير ذلك من غير استحقاق شرعى ويمنع من أمر الشارع باعطائه إيجابا أو إستحبابا ثم يخرج من ذلك إلى الحرب والقتال كما وقع فى بعض أرض المشرق ومبدأ ذلك تفضيل مالم تفضله الشريعة والمداومة عليه وان لم يعتقد فضله سبب لاتخاذه فاضلا اعتقادا وارادة فتكون المداومة على ذلك إما منهيا عنها وإما مفضولة والتنوع فى المشروع بحسب ما تنوع فيه الرسول أفضل وأكمل.

السادس: أن فى المداومة على نوع دون غيره هجران لبعض المشروع وذلك سبب لنسيانه والاعراض عنه حتى يعتقد أنه ليس من الدين بحيث يصير فى نفوس كثير من العامة انه ليس من الدين وفى نفوس خاصة هذه العامة عملهم مخالف علمهم فإن علماءهم يعلمون أنه من الدين ثم يتركون بيان ذلك إما خشية من الخلق وإما اشتراء بآيات الله ثمنا قليلا من الرئاسة والمال كما كان عليه أهل الكتاب كما قد رأينا من تعود أن لا يسمع اقامة الا موترة أو مشفوعة فإذا سمع الإقامة الأخرى نفر عنها وانكرها ويصير كأنه سمع أذانا ليس اذان المسلمين وكذلك من اعتاد القنوت قبل الركوع أو بعده.

وهجران بعض المشروع سبب لوقوع العداوة والبغضاء بين الأمة قال الله تعالى ومن الذين قالوا انا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فاغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة أخبر سبحانه ان نسيانهم حظا مما ذكروا به سبب لإغراء العداوة والبغضاء بينهم فإذا اتبع الرجل جميع المشروع المسنون واستعمل الأنواع المشروعة هذا تارة وهذا تارة كان قد حفظت السنة علما وعملا وزالت المفسدة المخوفة من ترك ذلك.

ونكته هذا الوجه انه وان جاز الاقتصار على فعل نوع لكن حفظ النوع الآخر من الدين ليعلم انه جائز مشروع وفى العمل به تارة حفظ للشريعة وترك ذلك قد يكون سببا لإضاعته ونسيانه.

السابع: أن الله يأمر بالعدل والإحسان والعدل التسوية بين المتماثلين وحرم الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده ومن أعظم العدل العدل فى الأمور الدينية فإن العدل فى أمر الدنيا من الدماء والأموال كالقصاص والمواريث وإن كان واجبا وتركه ظلم فالعدل فى أمر الدين أعظم منه وهو العدل بين شرائع الدين وبين أهله.

فإذا كان الشارع قد سوى بين عملين أو عاملين كان تفضيل احدهما من الظلم العظيم وإذا فضل بينهما كانت التسوية كذلك والتفضيل أو التسوية بالظن وهوى النفوس من جنس دين الكفار فإن جميع أهل الملل والنحل يفضل أحدهم دينه إما ظنا وإما هوى اما اعتقادا واما اقتصادا وهو سبب التمسك به وذم غيره فإذا كان رسول الله قد شرع تلك الأنواع إما بقوله وإما بعمله وكثير منها لم يفضل بعضها على بعض كانت التسوية بينها من العدل والتفضيل من الظلم وكثير مما تتنازع الطوائف من الأمة فى تفاضل أنواعه لا يكون بينها تفاضل بل هي متساوية وقد يكون ما يختص به أحدهما مقاوما لما يختص به الآخر ثم تجد أحدهم يسأل أيما أفضل هذا أو هذا وهى مسألة فاسدة فان السؤال عن التعيين فرع ثبوت الأصل فمن قال ان بينهما تفاضلا حتى نطلب عين الفاضل

والواجب أن يقال هذان متماثلان أو متفاضلان وإن كانا متفاضلين فهل التفاضل مطلقا أو فيه تفصيل بحيث يكون هذا أفضل فى وقت وهذاأفضل فى وقت ثم إذا كانت المسألة كما ترى فغالب الأجوبة صادرة عن هوى وظنون كاذبة خاطئة ومن أكبر أسباب ذلك المداومة على ما لم تشرع المداومة عليه ولله أعلم) مجموع الفتاوى (24/ 248 - 252)

وذكر الشيخ محمد العثيمين _ رحمه الله _ أمراً يضاف إليها فتكون ثمانية وهو:

حضور القلب؛ فإن المرء إذا اعتاد على صفة معينة أصبحت عادة عنده فقل ان يستحضر معانيها ويتدبرها ويخشع عند أدائها لكن لو نوع في ذلك دعاه الاختلاف في الهيئة إلى الانتباعه وحضور القلب.

ومما يدخل في رفع الآصار والأغلال والتيسير على النمكلفين ان بعض العبادات تكون على صفات متفاوتة في الكم والكيفية فيفعل المسلم ما تيسر له من هذه الصفات والهيئات وربما فهم هيئة من الهيئات ولم يفهم غيرها.

وثمة فائدة تاسعة وهي:

زيادة العلم وتثبيت المعلوم؛ فإن المرء إذا فعل السنة على وجوهها كان أكثر علماً بسنة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأثبت لعلمه إذ ترسخ في قلبه اكثر فيستحضر صحتها ومن رواها، وربما لو لم يعمل بها نسيها ونسي هيئتها فاحتاج إلى الرجوع لكتب أهل العلم للنظر فيها.

وأختم الفوائد بفائدة عاشرة وهي:

أن هذا المسلك هو الذي يوافق مراد الله ومراد رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويدل على هذا:

1 - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شرعها وفعلها وامر بها على هذا الحال ولا شك أن هذا لم يشرع عبثاً وغنما لحكمة أرادها الله عز وجل منها ما سبق ذكره.

2 - أن الله خير بين الواجبات مع كونها أعظم من المندوبات وأفضل والأخذ بها ألزم كما هو الحال في خصال الكفارة عند الحنث باليمين وفي المخرج في زكاة الفطر والتخيير بين الاستنجاء والاستجمار والتخيير بين الإبل والبقر والغنم في الهدي، فإذا كان التخيير بين الواجبات مشروعاً مع أن الصل في الواجب هو الإلزام بمعين فكونه مشروعاً في المندوبات من باب أولى.

والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير