تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب الإيمان (ص 305 - طبع المكتب الإسلامي): (والرد إلى الله ورسوله في مسألة الإسلام والإيمان يوجب أن كلاً من الاسمين , وإن كان مسماه واجباً , ولا يستحق أحد الجنة إلا بأن يكون مؤمناً مسلماً , فالحق في ذلك ما بينه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث جبريل , فجعل الدين وأهله ثلاث طبقات: أولها الإسلام , وأوسطها الإيمان , وأعلاها الإحسان , ومن وصل إلى العليا فقد وصل إلى التي تليها , فالمحسن مؤمن , والمؤمن مسلم , وأما المسلم , فلا يجب أن يكون مؤمناً).

ومن شاء بسط الكلام على هذه المسألة مع التحقيق الدقيق , فليرجع إلى الكتاب المذكور , فإنه خير ما ألف في هذا الموضوع. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم155.

س) - ما حكم النذر؟

قال الالباني رحمه الله بعد ان ساق الحديث القدسي (قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَأْتِي النَّذْرُ عَلَى ابْنِ آدَمَ بِشَيْءٍ لَمْ أُقَدِّرْهُ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ أَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ يُؤْتِينِي عَلَيْهِ مَا لَا يُؤْتِينِي عَلَى الْبُخْلِ , وفي رواية: ما لم يكن آتاني من قبل) قال:-

وقد دل هذا الحديث بمجموع ألفاظه أن النذر لا يشرع عقده , بل هو مكروه , وظاهر النهي في بعض طرقه أنه حرام , وقد قال به قوم , إلا أن قوله تعالى: (أَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ): يشعر أن الكراهة أو الحرمة خاص بنذر المجازاة أو المعاوضة , دون نذر الابتداء والتبرر , فهو قربة محضة , لأن للناذر فيه غرضاً صحيحاً , وهو أن يثاب عليه ثواب الواجب , وهو فوق ثواب التطوع , وهذا النذر هو المراد – والله أعلم – بقوله تعالى (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) الإنسان 7 , دون الأول.

قال الحافظ في الفتح: (وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى (يوفون بالنذر) قال كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة ومما افترض عليهم فسماهم الله أبرارا , وهذا صريح في أن الثناء وقع في غير نذر المجازاة).

وقال قبل ذلك: (وجزم القرطبي في " المفهم " بحمل ما ورد في الأحاديث من النهي على نذر المجازاة فقال: هذا النهي محله أن يقول مثلا إن شفى الله مريضي فعلي صدقة كذا , ووجه الكراهة أنه لما وقف فعل القربة المذكور على حصول الغرض المذكور ظهر أنه لم يتمحض له نية التقرب إلى الله تعالى لما صدر منه بل سلك فيها مسلك المعاوضة , ويوضحه أنه لو لم يشف مريضه لم يتصدق بما علقه على شفائه , وهذه حالة البخيل فإنه لا يخرج من ماله شيئا إلا بعوض عاجل يزيد على ما أخرج غالبا. وهذا المعنى هو المشار إليه في الحديث بقوله " و إنما يستخرج به من البخيل ما لم يكن البخيل يخرجه " وقد ينضم إلى هذا اعتقاد جاهل يظن أن النذر يوجب حصول ذلك الغرض , أو أن الله يفعل معه ذلك الغرض لأجل ذلك النذر , وإليهما الإشارة بقوله في الحديث أيضا " فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئا " والحالة الأولى تقارب الكفر والثانية خطأ صريح).

قال الحافظ: (قلت: بل تقرب من الكفر أيضا. ثم نقل القرطبي عن العلماء حمل النهي الوارد في الخبر على الكراهة وقال: الذي يظهر لي أنه على التحريم في حق من يخاف عليه ذلك الاعتقاد الفاسد فيكون إقدامه على ذلك محرما والكراهة في حق من لم يعتقد ذلك ا هـ. وهو تفصيل حسن , ويؤيده قصة ابن عمر راوي الحديث في النهي عن النذر فإنها في نذر المجازاة).

قلت: يريد بالقصة ما أخرجه الحاكم من طريق فليح بن سليمان عن سعيد بن الحارث أنه سمع عبدالله بن عمر وسأله رجل من بني كعب يقال له مسعود بن عمرو , يا أبى عبد الرحمن إن ابني كان بأرض فارس فيمن كان عند عمر بن عبيد الله , وإنه وقع بالبصرة طاعون شديد , فلما بلغ ذلك , نذرت: إن الله جاء بابني أن أمشي إلى الكعبة , فجاء مريضاً فمات , فما ترى؟ فقال ابن عمر: أولم تنهوا عن النذر؟ إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخره , فإنما يستخرج به من البخيل) , أوف بنذرك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير