قال النووي في (المجموع) (1/ 412): (حديث حسن , رواه البيهقي , وقال: إسناده صحيح).
وقال في مكان آخر (1/ 414): (وهو حديث صحيح كما سبق بيانه قريباً , فهذا صريح في أنهما ليستا من الرأس , إذ لو كانتا منه , لما أخذ لهما ماء جديداً كسائر أجزاء الجسد , وهو صريح في أخذ ماء جديد).
قلت: ولا حجة فيه على ماقالوا , إذ غاية ما فيه مشروعية أخذ الماء لهما , وهذا لا ينافي جواز الاكتفاء بما الرأس , كما دل عليه هذا الحديث , فاتفقا ولم يتعارضا , ويؤيد ما ذكرت أنه صح عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه مَسَحَ بِرَأْسِهِ مِنْ فَضْلِ مَاءٍ كَانَ فِي يَدِهِ) رواه ابوداود بسند حسن كما بينته في صحيح سننه , وهذا كله يقال على فرض التسليم بصحة حديث عبدالله بن زيد , ولكنه غير ثابت , بل هو شاذ كما ذكرت في (صحيح سنن أبي داود) (111) , وبينته في (سلسلة الأحاديث الضعيفة) (997).
وجملة القول: فإن أسعد الناس بهذا الحديث من بين الأئمة الأربعة أحمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين , فقد أخذ بما دل عليه الحديث في المسألتين , ولم يأخذ به في الواحدة دون الأخرى كما صنع غيره. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم36.
سنن الوضوء
س) - هل يستحب إطالة الغرة والتحجيل؟
عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ فَكَانَ يَمُدُّ يَدَهُ حَتَّى يَبْلُغَ إِبْطَهُ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا هَذَا الْوُضُوءُ فَقَالَ يَا بَنِي فَرُّوخَ أَنْتُمْ هَاهُنَا لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ هَاهُنَا مَا تَوَضَّأْتُ هَذَا الْوُضُوءَ سَمِعْتُ خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوَضُوءُ).
هل هذا الحديث يدل على استحباب إطالة الغرة والتحجيل؟
الذي نراه – إذا لم نعتد برأي أبي هريرة رضي الله عنه – أنه لا يدل على ذلك , لأن قوله: (مبلغ الوضوء) , من الواضح أنه أراد الوضوء الشرعي , فإذا لم يثبت في الشرع الإطالة , لم يجز الزيادة عليه , كما لا يخفى.
على أنه إن دل الحديث على ذلك , فلن يدل على غسل العضد , لأنه ليس من الغرة ولا التحجيل , ولذلك قال ابن القيم رحمه الله تعالى في حادي الأرواح: (وقد احتج بهذا الحديث من يرى استحباب غسل العضد وإطالته , والصحيح أنه لا يستحب , وهو قول أهل المدينة , وعن أحمد روايتان , والحديث لا يدل على الإطالة , فإن الحلية إنما تكون زينة في الساعد والمعصم , لا العضد والكتف).
واعلم أن هناك حديثاً آخر يستدل به من يذهب إلى استحباب إطالة الغرة والتحجيل , وهو بلفظ: (إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ) , وهو متفق عليه بين الشيخين , لكن قوله (فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ) , مدرج من قول أبي هريرة , ليس من حديثه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , كما شهد بذلك جماعة من الحفاظ , كالمنذري , وابن تيمية , وابن القيم , والعسقلاني , وغيرهم , وقد بينت ذلك بياناً شافياً في الأحاديث الضعيفة , فأغنى عن الإعادة , ولو صحت هذه الجملة , لكانت نصاً على استحباب إطالة الغرة والتحجيل لا على إطالة العضد , والله ولي التوفيق. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم 252.
س) - هل الترتيب في الوضوء سنة ام فرض؟
ليس هناك ما يدل على وجوب الترتيب , وقول ابن القيم في الزاد (وكان وضوؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتباً متوالياَ لم يخل به مرة واحدة البتة) , غير مسلم في الترتيب , لحديث الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيَّ قَالَ (أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) , رواه أحمد , وعنه أبوداود بإسناد صحيح , وقال الشوكاني: (إسناد صالح , وقد أخرجه الضياء في المختارة)
¥