1 - الكلاب: جاء في صحيح مسلم بشرح النووي "ج10 ص 234" عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر بقتل الكلاب، فأرسل في أقطار المدينة أن تقتل، قال: فننبعث في المدينة وأطرافها فلا ندع كلبًا إلا قتلناه حتى إنا لنقتل الكلب المرية يتبعها، والمرية تصغير امرأة، وفي رواية عن عبد الله بن عمر أيضًا أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بقتل الكلاب، إلا كلب صيد أو كلب غنم أو كلب ماشية، فقيل لابن عمر: إن أبا هريرة يقول: أو كلب زرع، فقال ابن عمر: إن لأبي هريرة زرعا -مع ترك الخلاف في كون أبي هريرة سمع ذلك من النبي أو كان قياسًا منه لكلب الزرع على كلب الصيد والماشية.
وعن جابر قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقتل الكلاب، حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله -ثم نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قتلها وقال: "عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان" وعن عبد الله بن المغفل قال: أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقتل الكلاب، ثم قال: "ما بالهم وبال الكلاب" ثم رخص في كلب الصيد والغنم.
يؤخذ من هذه الروايات أن الكلب غير الضاري أي غير العقور والكلب إن كانت فيه فائدة فلا يقتل ككلب الحراسة للماشية أو الزرع أو المسكن وكلب الصيد، ومثله الكلب البوليسي لفائدته المعروفة. أما إن لم تكن فيه فائدة، كالكلاب الضالة فبعض الروايات تأمر بقتلها وتشدد في التنفيذ، وبعضها ينهي عن قتلها ويأمر بقتل الأسود البهيم فقط، فما هو الحكم المختار الذي استقر عليه الأمر أخيرًا؟ إليكم مثالاً مما قاله شراح الحديث في ذلك.
(أ) يقول النووي في شرح مسلم (ج10 ص235): أجمع العلماء على قتل الكلب الكَلِب أو الكلب العقور، واختلفوا في قتل ما لا ضرر فيه فقال إمام الحرمين من أصحابنا -الشافعية-: أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أولاً بقتلها كلها، ثم نسخ ذلك ونهى عن قتلها إلا الأسود البهيم.
ثم استقر الشرع على النهي عن قتل جميع الكلاب التي لا ضرر فيها؛ سواء الأسود وغيره، ويستدل لما ذكره بحديث ابن المغفل.
وقال القاضي عياض: ذهب كثير من العلماء إلى الأخذ بالحديث في قتل الكلاب إلا ما استثني من كلب الصيد وغيره، وقال: وهذا مذهب مالك وأصحابه، وذهب آخرون إلى جواز اتخاذ جميعها ونسخ الأمر بقتلها والنهي عن اقتنائها إلا الأسود البهيم.
قال القاضي: وعندي أن النهي أولا كان نهيًا عامًا عن اقتناء جميعها وأمرًا بقتل جميعها، ثم النهي عن قتلها ما سوى الأسود، ومنع الاقتناء في جميعها إلا كلب صيد أو زرع أو ماشية، يقول النووي: وهذا الذي قاله القاضي هو ظاهر الأحاديث ويكون حديث ابن المغفل مخصوصًا بما سوى الأسود.
(ب) ويقول الدميري بعد ذكر الأحاديث الواردة في قتل الكلاب: حمل الأصحاب الأمر بقتلها على الكلب الكَلِب والكلب العقور، واختلفوا في قتل ما لا ضرر فيه منها، فقال القاضي حسين وإمام الحرمين والماوردي في باب "بيع الكلاب" والنووي في أول البيع من شرحي المهذب ومسلم: لا يجوز قتلها، منسوخ وعلى الكراهة اقتصر الرافعي في الشرح، وتبعه في الروضة، وزاد أنها كراهة تنزيه لا تحريم، لكن قال الشافعي في الأم في باب الخلاف في ثمن الكلاب: واقتلوا الكلاب التي لا تنفع فيها حيث وجدتموها وهذا هو الراجح. ا. هـ.
نستخلص من كل ما سبق أن الكلاب التي فيها فائدة كالصيد والحراسة لا يجوز قتلها، والكلاب التي لا فائدة لها إن كانت تضر كالكلب العقور يجوز قتلها، وإن كانت لا تضر ففيها رأيان؛ رأي بعدم قتلها فيكون القتل حرامًا أو مكروهًا كراهة تنزيه، ورأي بجواز قتلها. والكلاب الضالة غير المقتناة -إن كانت تؤذي بتخويف المارة وبخاصة الأطفال، أو بالبول والبراز وإتلاف أشياء لها قيمتها- يجوز قتلها، هذا هو حكم قتلها، أما نجاستها فقد تقدم الحديث عنها، وكذلك عن اقتنائها والاتجار فيها.
2 - القطط: خلاصة أحكامها فيما يأتي:
¥