تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[المسيطير]ــــــــ[28 - 11 - 07, 08:55 ص]ـ

والسؤال المهم هو /

ما هو السبب الحقيقي وراء هذه الإنتكاسة لطالب علم متميز كان يرجى له أن يكون من العلماء والمفكرين الكبار؟

هل كان السبب الحقيقي وراء إنتكاسته هو غروره؟ هل هذا سبب مقنع؟

هل كانت هذه الإنتكاسه فجأة وتكون بعلم الحساب إنتقال عكسي 180%؟

أم هي عملية إنتقال بطيئة وبشكل تدرجي، ولم يظهر منها إلا نتائجها المخيفة والتي أعلن عنها صاحبها في كتابه (هذه هي الأغلال)؟

أم أن الشك موجود عند غيره من العلماء ولكن القصيمي أبى الخنوع والركوع لسلطان الخرافة فأعلن الثورة وبدأ التمرد؟

وعلى هذا يكون جميع العلماء شكاكا! ويكون القصيمي أشجعهم فقط؟!

هل كان القصيمي مقتنعاً فعلاً بإلحاده وببطلان الأديان؟

أم هي ردة فعل عكسية حمقاء كانت نتيجة ضغوط نفسية متراكمة عند القصيمي؟

وهل كان القصيمي مقتنعاً فعلاً - قبل إلحاده وأيام دفاعه عن الإسلام - بتدينه وإيمانه؟

أم أنه في الأصل غير مقتنع!

بل كانت المسألة بالنسبة له ولغيره مسألة وراثة، والخروج عن الموروث عار والعار فضيحة، والفضيحة حرمان، فالأفضل مغالبة الوساوس الشيطانية والركون الى التقاليد الموروثة؟

هناك آراء متفاوته ومتضاربة أحياناً حول الأسباب الحقيقية وراء هذه الظاهرة الإلحادية القصيمية المتمثلة في شخص (عبدالله القصيمي القصيمي)!

ولا أزعم أنني سأحصل على نتائج يقنية أو حتى أولية .. فقط ما سأعمله هو محاولة الفهم والتقريب لا غير!!!

(الرأي الأول):

مفاده أنه يستحيل أن ينقلب متدين متمسك إلى ملحد مرة واحدة؛ كما يستحيل أن ينتقل البندول من أقصى اليمين إلى أصى اليسار دفعة واحدة، لا بد من التدرج ولا بد من الاستدراج.

وعلى هذه النظرية يكون القصيمي بدأ مخلصا لدينه موقناً لعقيدته، لكنه مع الزمن بدأ يتساقط أمام سلطان الشك وبريق الريب والزيغ، وظلت بذرة الشك كامنة حتى استحكمت وتمكنت فيه جيداً فأعلن إلحاده، بعد أن اجتثت تلك البذور ما بقي في قلبه من إيمان!

يقول الأستاذ عبدالله بن علي بن يابس (وهو صديق القصيمي وصاحبه في أسفاره) محدثاً عن حالة القصيمي ما نصه:

(كان القصيمي منذ أكثر من خمسة عشر عاماً تقريباً، يجادل في البديهيات الدينية، حتى أشتهر بكثرة جدله في الأمور الضرورية، وحتى كان يجادل بعض جلسائه في وجود نفسه، وحدثني صديق حميم من العلماء الأفاضل قال: كان القصيمي يأتي إليّ منذ خمسة عشر سنة تقريباً ويصرح لي بأنه تعتريه الشكوك إذا جن الليل، فيسخن جسمه، ويطير النوم من أجفانه.

قال: وكان يجادلني في الله، وفي النبي محمد، وكان يمتلأ بغضاً له وأحتقاراً، وكنت أجيء لزيارتكم فأجده يقرأ في صحيح مسلم مع بعض الأخوان، فترجع نفسي قائلة: لعلها وساوس وليست عقائد).

فهذا الرأي يبين لنا أن القصيمي كان مع دفاعه عن الإسلام وأهله كانت تأتيه نوازع شيطانية، ووساوس، فتكدر عليه صفو الحياة وتسخن جسمه النحيل، وتطير من عينيه النوم اللذيذ كل ذلك بسبب ما يجده في هذا الشك من ألم وشقاء وحسرة تجعله لا يتلذذ بنومه بل جسمه ينتفض ويسخن لذلك، ولكن الشك القاتل جندله صريحاً مسفوك الدم والعقل والروح في بلاط الإلحاد!!!

(الرأي الثاني):

مفادها كما عبر عنها المفكر الشهير (ول. ديورانت) عندما يتحدث عن الفيلسوف اليهودي الملحد - (اسبينوزا) فمما قله وهو يتحدث عن إلحاده: أننا نعلم أن كثيراً ممن يشك الدين هم رجال الدين أنفسهم لأنهم أطلعوا على حقيقة تدينهم!

وعلى ضوء هذا الرأي يكون القصيمي - بحكمه عالماً - وغيره من العلماء هم في الأصل شكاكاً فكلما تقدم الإنسان في العلم زادت المسائل المستعصية أمامه وزادت حيرته وقلقه وريبته، فكم من علماء متشكك! وكم من مفكرمرتاب! وكم من الشخصيات القلقة الخاضعة تحت سلطان الشك!

ولكن البعض يواجه هذا الطوفان العارم بالهروب إلى التسليم الأعمى، ومنهم من يفر منه بإشغال نفسه وطرد هذه الوساوس، ومنهم من يتغلب سلطان الشك عليه فيرديه صريعا كالقصيمي مثلا ...

والفرق بين القصيمي وغيره أن القصيمي - كما يقول هذا الرأي - أمتلك الشجاعة الكافية لمواجهة الجمهور المتعنت المتعصب، وغيره خاف الفضيحة أو خاف من مغرم أو على مغنم!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير