تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(الرأي الرابع):

مفاده أن القصيمي، لما ظهر أمره، وسطعت شمسه، ذاع صيته، أغتر بنفسه، وداخله الكبر والكبرياء، فكان عاقبة كبره وغروره أن خذله الله وتركه ونفسه فآثر الخلود للدنيا فسقط مع الساقطين لما انقطع منه توفيق الله!

وهذا الرأي القويّ يقدم شواهداً محسوسة تدعمه، ومن ذلك:

قول القصيمي في مقدمة كتابه (الفصل الحاسم بين الوهابيين ومخالفيهم) مادحاً نفسه:

لو أنصفوا كنت المقدم في الأمر ... ولم يطلبوا غيري لدى الحادث النكر

ولم يرغبوا إلا إليّ إذا ابتغوا ... رشاداً وحزماً يعزبان عن الفكر

ولم يذكروا غيري متى ذكر الذكا ... ولم يبصروا غيري لدى غيبة البدر

فما أنا إلا الشمس في غير برجها ... وما أنا إلا الدر في لجج البحر

متى جريت فكل الناس في أثري ... وإن وقفت فما في الناس من يجري

وقال مرة يثني على نفسه بأبيات ركيكة بعد قرأ كتاباً للمتنبي فكتب على هامشه:

كفى أحمداً أني نظرت كتابه ... لأن يدعي أن الإله مخاطبه

ولو شامني أني قرأت كتابه ... لقال إله الكون إني وخالقه!!

وقال مرة يثني على نفسه:

ولو أن ماعندي من العلم والفضل ... يقسم في الآفاق أغنى عن الرسل!

وقد لاحظ العلماء هذا الغلو في الثناء على الذات، فنبه الشيخ (عبدالعزيز بن بشر) أن صاحب هذا الكلام منحرف عن الإسلام، كما وبخه الشيخ فوزان السابق، ووبخه أيضاً الشيخ عبد العزيز بن راشد، وأخبره أن هذا كفر وضلال وأنه بهذا البيت ينشر لنفسه سمعة خبيثة، فتراجع القصيمي وحذف هذا البيت الأخير، بعد أن انتقده الناس وعابوه ووبخوه.

ولما ألحد القصيمي لم يترك طبعه هذا بل استمر عليه بشكل أبشع وأكبر، فهو يقدم كتبه الإلحادية بعبارات المديح والغطرسة اللامحدودة، ففي كتابه (هذه هي الأغلال) كتب في الغلاف الخارجي عبارة: (سيقول مؤرخو الفكر إنه بهذا الكتاب بدأت الأمم العربية تبصر طريق العقل)!

وداخل الكتاب قال القصيمي عن كتابه:

(إن مافي هذا الكتاب من الحقائق الأزلية الأبدية التي تفتقدها أمة فتهوى، وتأخذ بها أمة فتنهض، ولن يوجد مسلم يستغني عن هذه الأفكار إذا أراد حياة صحيحة)!.

(الرأي الخامس):

وينطلق هذا الرأي من القاعدة الفيزيائية القائلة: (لكل فعل ردت فعل مساوية له في المقدار معاكسة له في الاتجاه) وتفسير هذه النظرية كما يلي:

تقول أن عبد الله القصيمي - وغيره - كان في طبعه وفي تركيب مزاجه الاندفاعية والثورة، فهو من ناحية حيوية نفسانية جسدية مفعم بالتمرد والثورة والاندفاع والقوة والهيجان الشديد، وكان قبل إلحاده متمرداً ثائراً ضد أعداء الدين بشكل عنيف، يشتم هذا ويكفر هذا ويلعن هذا ويسخر من هذا، ويحطم هذا ويمرغ بهذا. وهكذا!!

إندفاع شديد وقوي ومفعم بالتولد الثوري الدائم، فعبد الله القصيمي - أو من يشابهه - لا يمكن أن يركن أو يسكن فهو دائماً دائب كالآلات الشيوعية في عمل دائب دائم، لا بد له من صراع مع أحد ولا بد أن يفتك بشيء، بالأمس كان صراعه مع الوثنية واليوم صار صراعه مع الإسلام!

فطبيعة تركيبه العقلي والنفسي تقضي عليه بأن يكون متطرفاً سواء لليمين أو لليسار، للإيمان أو للشيطان!

وصدق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حينما قال:

(إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه).

وكم رأيت أنا من الشباب الذين كانوا في قمة العربدة وفي نهاية التطرف، وإذا بهم ينقلبون (180%) إلى متدينين أقوياء وأحيانا أكثر من اللازم، وكم رأيت أيضاً من الشباب المتطرف التكفيري الأهوج الأحمق وقد أنقلب رأساً على عقب إلى ماركسي أو ليبرالي أو لا ديني!!

ونذكر هنا شاهداً من أقوال القصيمي نفسه التي كتبها قبل إلحاده على هذا الرأي، والذي يدلل على طبع القصيمي المتأصل فيه وأنه كان متطرفا متمردا ثائرا لاعبا مستهترا، يرى دائما أنه في معركة ولا يهمه مع من تكون!

يقول القصيمي في كتابه (شيوخ الأزهر) بعد أن أزرى بشيخه وأستاذه ومعلمه الكفيف الشيخ يوسف الدجوي. بسبب خلاف شخصي بينهما، تطور وانتقل إلى الكتب والصحف والمجلات!! يقول القصيمي متحدثاً عن شيخه: (وكأني بالدجوي المغرور عندما يرى هذه البراهين إن كان يرى التي ما كانت تخطر على فؤاده إن كان له فؤاد يغضب ويصخب، ويشتم، ويقول ماهذه البلوى؟

ما هذه المحنة التي خصصت بها؟

ما هذا النجدي الذي يريد أن يأكلني ويشربني؟

ما هذا العربي الذي منيت به لينزلني من منزلتي التي ارتقيتها بلقبي وكتبي وراتبي ورتبي وغفلة أهل العلم والفهم عني؟

ويقول يا ليتنا أرضينا هذا النجدي وأسكتناه عنا ولو بملء فيه دراً، ولو بكل ما نأخذه من راتب، وما نملكه من متاع.

ويقول كنا حسبنا أننا قضينا عليه وألجمنا فاه بفصلنا إياه من الأزهر ... إلخ).

أخي القارئ .... ها أنت تلاحظ القصيمي، هو هو، لم يتغير في أسلوبه وطريقة تفكيره، اليوم يشتم شيخه المسكين الضرير يوسف الدجوي ويقول عنه (مغرور - إن كان يرى - إن كان له فؤاد) وتجد توافق عجيب في لغة الخطاب التي يوجهها للشيخ الدجوي بالأمس ولغة الخطاب التي وجهها لله سبحانه بعد إلحاده، الاختلاف فقط كان في مرمى الهدف، فكان بالأمس شيخه الضرير يوسف الدجوي، واليوم صار مرماه الله جل جلاله.

فنسأل الله العافية والسلامة، ونسأله التوسط الحقيقي بالتمسك الحقيقي بنصوص وروح القرآن والسنة كما تعلمناها من النبي صلى الله عليه وسلم وكما نقلها لنا أصحابه وأهل بيته والتابعين لهم بإحسان رضي الله عنهم جميعا.

(الرأي السادس):

ويتجه هذا الرأي إلى أن القصيمي، كان من طباعه ركوب الموجات الفكرية في عصره، فحينما كانت الفرصة مناسبة للموجة السلفية ركبها وانتفع بها، حتى استنفذ أغراضه منها، فلما برزت موجات أخرى كالقومية واليسارية والشيوعية وغيرها، وظهرت قوتها الصحفية والإعلامية، توجه القصيمي لها وركب موجتها واستغل منابرها الصحفية.

فهذه - كما ترى - مجموعة من المحاولات لفهم السبب الحقيقي وراء انقلاب عبد الله القصيمي، يمكن أن ترفضها كلها ويمكن أن تقبل منها ما تشاء، ويمكن أن تجعلها جميعاً أسباباً تظافرت بمجموعها في إضلال القصيمي عن الصراط المستقيم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير