ـ[الرايه]ــــــــ[31 - 01 - 08, 12:23 م]ـ
قراءة في حياة (القصيمي)
سليمان بن علي الضحيان 27/ 7/1423
14/ 10/2001
(الإلحاد) كلمة تستفز شعور المؤمن، وتبعث الرعب في وجدانه.
وقراءة سير الملحدين تدفعه إلى الخوف من استلاب الإيمان فيزداد تعلقه بالله، وتفويض أموره إليه، وتدفعه -أيضاً- إلى حمد الله والثناء عليه؛ بما أنعم عليه من نعمة الإيمان. ولهذين السببين نحب أن نقف عند سيرة الملحد المشهور (عبد الله القصيمي) حيث يمثل في إعلانه الإلحاد، ودعوته إليه، وشن حملات على الدين والتدين - حالةً تكاد تكون فردية في صراحتها وشدتها، واستخفافها بكل القيم، والعقائد في تاريخ العرب الحديث. وقد عاش حياة طويلة حافلة بالتقلبات الفكرية، والمعارك الصاخبة، وترك مؤلفات عديدة بلغت عشرين مؤلفاً في أكثر من عشرة آلاف صفحة. وقد أحدثت بعض تلك المؤلفات في حينها دوياً كبيراً، وقد كتب عن القصيمي الكثير، من ذلك: (دراسة عن القصيمي) لصلاح الدين المنجد، ورسالة دكتوارة لأحمد السباعي بعنوان (فكر القصيمي) وكتب أيضاً الكثير من الدراسات والردود حول كتبه، إلا أن مسيرته لم تَحْظَ بالدراسة الشاملة، سوى لمحات في كتاب المنجد، وفصلٍ واحدٍ من رسالة السباعي للدكتوراة. ونشرت مقالات تتحدث عنه بعد وفاته لسيد القمني، وفوزية رشيد وجاسر الجاسر.
وفي هذه السَّنة سنة (2000م) ترجم محمود كبيو رسالة الدكتوراة التي قام بها الألماني يورغن فازلا عن القصيمي بعنوان (من أصولي إلي ملحد؛ قصة انشقاق عبد الله القصيمي) وتقع في (250 صفحة)، وهي أشمل وأهم دراسة كتبت عن القصيمي، وتميزت بميزات لا توجد في غيرها من الدراسات التي كتبت عنه، من ذلك:
أولاً: إن هذه الدراسة شاملة لحياة القصيمي منذ ولادته إلى قبيل وفاته.
ثانياً: إنها صورت تصويراً رائعاً الواقع الفكري لكل مرحلة فكرية من مراحل القصيمي، وهذا مما يعين الباحث على فهم الظروف الشخصية، والخارجية لإطروحات القصيمي.
ثالثاً: أن المؤلف "فازلا" اتصل بالقصيمي وربطته صداقة به، فهو يقول: ((وعند ما تمكنت عام 1993 م بعد بحث طويل في مصر استمر عدة أشهر من العثور على مكان إقامة القصيمي، رفض رفضاً قاطعاً التحدث معي .. ، وبقي الأمر كذلك، حتى نجحت في إقامة اتصالات مع أشخاص من الدائرة الضيقة المحيطة به، وحصلت بذلك على إمكانية حضور حلقة النقاش التي كانت تقام بانتظام في منزله في القاهرة، وهكذا نشأت بيننا خلال فترة تزيد على عامين علاقة من الثقة، جعلت الكاتب يبدي استعداداً متزايداً لإعطائي معلومات عن حياته وأعماله)).
رابعاً: إن الدراسة قدمت فكرة مختصرة عن أهم كتبه و مقالاته في جميع مراحله الفكرية.
خامساً: إن الدراسة قامت بمسح بيلوجرافي لكل ما كتب عن القصيمي في الصحف العربية والغربية، ولكل كتب القصيمي ومقالاته.
سادساً: يُعد الدكتور يورغن فازلا متخصصاً في حياة القصيمي وفكره، فرسالته للماجستير بعنوان (هذي هي الأغلال – النقد الذاتي الإسلامي لعبد الله القصيمي) وهذه الرسالة عن القصيمي (من أصولي إلي ملحد) قدمها لنيل شهادة الدكتوراة.
فلهذه الميزات وغيرها أجد أن الدراسة جديرة بإلقاء الضوء عليها.
قسم المؤلف أطروحته إلى خمسة فصول، وإذا استثنينا الفصل الأول، وهو في الحديث عن نشأته وسيرته التعليمية، فإن بقية الفصول الأربعة قسمت تبعاً لتحولاته الفكرية، وأثر كتاباته في الواقع الفكري في العالم العربي، ويمكنني قراءة الفصول بتقسيم حياة القصيمي إلى فترتين:
* الفترة الأولى: نشأته وسيرته التعليمية: يقول فالترموشغ: (إن السيرة الأولى لأي كاتب بصفتها عملاً تاريخياً يجب اعتبارها دوماً وعاء لجمع الوثائق، يستنبط منه الباحثون اللاحقون الخلاصات المعقدة) ولا شك أن طفولة الإنسان ذات أثر عميق في تشكيل فكره ورؤيته للحياة، ولفهم تحولاته الفكرية، ومنهجيته في التعامل مع الواقع الفكري، ومن هنا يحسن بنا الوقوف على بعض المحطات التي أوردها د / فازلا عن نشأة القصيمي.
حرمان وترحال
- المحطة الأولى:
¥